تنزيه الأنبياء
تنزيه الأنبياء
ولم يقل منك أتاني فإن قيل كيف يكنى عمن لمن يتقدم له ذكر قلنا لا يمتنع ذلك قال الله تعالى حتى توارت بالحجاب @QUR@
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا
حشرجت يوما وضاق بي الصدر
ولم يتقدم للنفس ذكر والشواهد على هذا المعنى كثيرة جدا على أنه قد تقدم ذكر ولد آدم (ع) وتقدم أيضا ذكرهم في قوله تعالى هو الذي خلقكم من نفس واحدة ومعلوم أن المراد بذلك جميع ولد آدم (ع) وتقدم أيضا ذكرهم في قوله تعالى فلما آتاهما صالحا لأن المعنى أنه لما آتاهما ولدا صالحا والمراد بذلك الجنس وإن كان اللفظ لفظ وحده وإذا تقدم مذكوران وعقبا بأمر لا يليق بأحدهما وجب أن يضاف إلى من يليق به والشرك لا يليق بآدم (ع) فيجب أن ننفيه عنه وإن تقدم ذكره وهو يليق بكفار ولده ونسله فيجب أن نعلقه بهم ومنها ما ذكره أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني فإنه يحمل الآية على أن الكناية في جميعها غير متعلقة بآدم (ع) وحواء ويجعل الهاء في تغشاها والكناية في دعوا الله ربهما و آتاهما صالحا راجعين إلى من أشرك ولم يتعلق بآدم (ع) من الخطاب إلا قوله تعالى خلقكم من نفس واحدة قال والإشارة في قوله خلقكم من نفس واحدة إلى الخلق عامة وكذلك قوله وجعل منها زوجها ثم خص منها بعضهم كما قال الله تعالى هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة فخاطب الجماعة بالتسيير ثم خص راكب البحر وكذلك هذه الآية أخبرت عن جملة أمر البشر بأنهم مخلوقون من نفس واحدة وزوجها وهما آدم وحواء ثم عاد الذكر إلى الذي سأل الله تعالى ما سأل فلما أعطاه إياه ادعى له الشركاء في عطيته قال وجايز أن يكون عنى بقوله هو الذي خلقكم من نفس واحدة المشركين خصوصا إذا كان كل بني آدم مخلوقا من نفس واحدة وزوجها ويكون المعنى في قوله تعالى خلقكم من نفس واحدة
صفحه ۱۵