110

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

ناشر

دار الكتب العلمية

محل انتشار

لبنان

القاضين ﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد
﴿لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من الْعَذَاب ﴿لَقُضِيَ الْأَمر بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ لفرغ من هلاككم ﴿وَالله أَعْلَمُ بالظالمين﴾ بعقوبة الْمُشْركين النَّضر وَأَصْحَابه فَوَقع بالنضر بن الْحَارِث الْعَذَاب الَّذِي سَأَلَ فَقتل صبرا يَوْم بدر
﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْب﴾ خَزَائِن الْغَيْب الْمَطَر والنبات وَالثِّمَار ونزول الْعَذَاب الَّذِي تَسْتَعْجِلُون بِهِ يَوْم بدر ﴿لاَ يَعْلَمُهَآ﴾ لَا يعلم مفاتح الْغَيْب بنزول الْعَذَاب الَّذِي تَسْتَعْجِلُون بِهِ ﴿إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبر وَالْبَحْر﴾ من الْخلق والعجائب وَيُقَال وَيعلم مَا يهْلك فِي الْبر وَالْبَحْر ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ﴾ من الشّجر ﴿إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾ كم دوران تَدور ﴿وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْض﴾ تَحت الصَّخْرَة الَّتِي أَسْفَل الْأَرْضين إِلَّا يعلمهَا ﴿وَلاَ رَطْبٍ﴾ يَعْنِي المَاء ﴿وَلاَ يَابِسٍ﴾ يَعْنِي الْبَادِيَة ﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾ مَكْتُوب ﴿مُّبِينٍ﴾ كل ذَلِك فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مُبين مقدارها ووقتها
﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ﴾ يقبض أرواحكم فِي الْمَنَام ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم﴾ مَا كسبتم ﴿بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ﴾ يرد إِلَيْكُم أرواحكم ﴿فِيهِ﴾ فِي النَّهَار ﴿ليقضى أَجَلٌ مّسَمًّى﴾ لكَي يتم أجلهَا وَرِزْقهَا ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُكُم﴾ يُخْبِركُمْ ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر
﴿وَهُوَ القاهر﴾ الْغَالِب ﴿فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ على عباده ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً﴾ من الْمَلَائِكَة ملكَيْنِ بِالنَّهَارِ وملكين بِاللَّيْلِ يَكْتُبُونَ حسناتكم وسيئاتكم ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت﴾ حَضَره الْمَوْت ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ قَبضه ملك الْمَوْت وأعوانه ﴿وَهُمْ﴾ يَعْنِي ملك الْمَوْت وأعوانه ﴿لاَ يُفَرِّطُونَ﴾ لَا يؤخرون الْمَيِّت طرفَة عين
﴿ثُمَّ ردوا إِلَى الله﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿مَوْلاَهُمُ الْحق﴾ وليهم بالثواب وَالْعِقَاب بِالْحَقِّ وَالْعدْل وَيُقَال مَوْلَاهُم الْحق معبودهم بِالْحَقِّ وَلَكِن لم يعبدوه بِالْحَقِّ غَايَة عِبَادَته وكل معبود غير الله بَاطِل ﴿أَلاَ لَهُ الحكم﴾ الْقَضَاء بَين الْعباد وَيَوْم الْقِيَامَة ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الحاسبين﴾ إِذا حاسب فحسابه سريع
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لكفار مَكَّة ﴿مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبر وَالْبَحْر﴾ من شَدَائِد الْبر وَالْبَحْر وأهوالهما ﴿تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ سرا وَعَلَانِيَة وَإِن قَرَأت بجر الْخَاء وَتَقْدِيم الْيَاء من الْفَاء يَقُول مستكينًا وخوفًا ﴿لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِه﴾ الْأَهْوَال والشدائد ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ من الْمُؤمنِينَ
﴿قُلِ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا﴾ من شَدَائِد الْبر وَالْبَحْر ﴿وَمِن كُلِّ كَرْبٍ﴾ غم وهول ﴿ثُمَّ أَنتُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿تُشْرِكُونَ﴾ بِهِ الْأَصْنَام
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد لَهُم ﴿هُوَ الْقَادِر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ﴾ كَمَا بعث على قوم نوح وَقوم لوط ﴿أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ يخسف بكم الأَرْض كَمَا خسف بقارون ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ أهواء مُخْتَلفَة كَمَا كَانَت فِي بني إِسْرَائِيل بعد النَّبِيين ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ بِالسَّيْفِ ﴿انْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَات﴾ نبين الْقُرْآن بأخبار الْأُمَم الْمَاضِيَة وَمَا فعلنَا بهم ﴿لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ لكَي يفقهوا أَمر الله وتوحيده
﴿وَكَذَّبَ بِهِ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿قَوْمُكَ﴾ قُرَيْش ﴿وَهُوَ الْحق﴾ يعين الْقُرْآن ﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ بكفيل أَن أؤديكم إِلَى الله مُؤمنين
﴿لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ﴾ لكل قَول من الله ومني من الْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد والبشرى بالنصرة وَالْعَذَاب مُسْتَقر فعل وَحَقِيقَة مِنْهُ مَا يكون فِي الدُّنْيَا وَمِنْه مَا يكون فِي الْآخِرَة ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَيُقَال لكل نبأ مُسْتَقر لكل قَول وَفعل مِنْكُم حَقِيقَة وَحَقِيقَة ذَلِك فِي الْقلب وسوف تعلمُونَ مَاذَا يفعل بكم

1 / 111