هكذا أورد الحديث الغزالي عنه - صلى الله عليه وسلم - في جزء المنجيات من كتابه إحياء علوم الدين (¬1) ، وفسر ذلك كما فسرناه ، وإنه لحق كما أتاه ، وهو على خلاف أهل مذاهبه ؛ لأن الإيمان معهم التصديق ، ولا يبطله ترك العمل بالواجبات ، ولا ارتكاب المحظورات بغير عذر يسعه عن الثواب، وإذا كان الإيمان كله الشكر ، والشكر أداء الطاعة لله في كل أمر ونهي ، والصبر نصف الإيمان ولم يدخل فيه الاعتقاد، والإيمان لا ينقسم ، دل على أنه من لم يتم نصفه بأداء الطاعة فيه لم يتم إيمانه ، ومن لم يتم إيمانه لم يكن مؤمنا تام الإيمان ، ومن لم يكن تام الإيمان فهو منافق ؛ لأنه مؤمن مع المؤمنين في الظاهر في إجراء الأحكام عليه غير تام الإيمان ، قد أنقضه بوجه آخر لم فيه من وجه آخر مؤمنا ، وهو كافر كفر نعمة فاسق ظالم نفسه من نفسه ، أو ظالم نفسه من نفسه بظلم نفسه وبظلم غيره ، وإن لم يتمه فقد تولى وكذب إيمانه بنقض إيمانه ، وتولى واستكبر عن الرجوع وعن إتمامه ، وجميع علم الحقيقة أحكامه قد ورد به التنزيل ، ووردت به السنة ، ولا يخفى وجود ذلك في التنزيل على من قرأ التنزيل ، وفهم معانيه ،مثل قوله تعالى : " واشكروا لي ولا تكفرون " (¬2) ، وقال : " ( اصبروا " (¬3) ، وقال: " إن الله مع الصابرين " (¬4) ، وقال :" وعلى الله [ 47/ ب] فليتوكل المؤمنون " (¬5) ، وقال تعالى :" إن الله مع [40/ج] الذين اتقوا والذين هم محسنون " (¬6) ، " ومن شر حاسد إذا حسد " (¬7) .
¬__________
(¬1) الغزالي ، إحياء علوم الدين (4/118-123) .
(¬2) سورة البقرة : 152 .
(¬3) سورة آل عمران : 200 .
(¬4) سورة البقرة : 153 .
(¬5) سورة إبراهيم : 12 .
(¬6) سورة النحل : 128 .
(¬7) سورة الفلق : 5 .
صفحه ۷۴