هو المعنى الأول من بيان علمه الذي تعبد به عباده أن يطيعوه بالعمل به ، قال الله (¬1) تعالى :" وهديناه النجدين " (¬2) . أي بينا لكل متعبد بعبادة الله طريق الطاعة ليسلكها ، وطريق المعصية ليتجنبها[20/أ] ، وقال تعالى : " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (¬3) . أي هدي البيان فالمعنى المراد : أي بينا لهم طريق علم الطاعة ليعملوا به ، و[علم] (¬4) طريق المعصية [34/ج] ليتجنبوها ، فاستحبوا العمل بطريق المعصية لله تعالى ولرسوله الذي أرسله إليهم .
والمعنى الثاني من هذا هو التوفيق[40/ب] للعمل بالهدى حتى يرضى الله تعالى عن العبد ، ويرضى العبد عن ربه ، وهو هدي السعادة الأبدية ، وقوله " اهدنا الصراط المستقيم " (¬5) ، فالمراد بهدي البيان فهداه في كل أمر بعينه ، وهدي التوفيق للعمل به ، وهدي التثبت عليه حتى يرضى الله عنه ، ويرضى العبد عن الله تعالى فاعرف ذلك .
فصل
اعلم أنا قد ذكرنا في أول فصول الجزء الأول نقلا عن القوم (¬6) أن الحكم على ثلاثة وجوه : عقلي وشرعي وعادي ، وقد ذكرنا من بيان العادي في ذلك الجزء ما فيه كفاية عن إعادته ، وكذلك الحكم العقلي ، وسنذكر في هذا الجزء بإيجاز منه لمعرفة تعداد القواعد والأصول والأقسام الميزانية ، ونأتي بعد ذلك ببيان الحكم الشرعي وقواعده وأصوله وأقسامه وبالله التوفيق .
[منظومة في أقسام العلم الديني]
فصل
في تقسيم العلم الديني : وقد نظمت ذلك في عشرين بيتا تسهيلا لحفظ الطالب :
الحكم عادي وعقلي شرعي ... والشرع دين ثم رأي فرعي
عقلي منه واجب وممكن ... ومستحيل دائما لا يمكن
¬__________
(¬1) سقط لفظ الجلالة في ب.
(¬2) سورة البلد : 10 .
(¬3) سورة فصلت : 17 .
(¬4) سقط في أ و ب .
(¬5) سورة الفاتحة : 6 .
(¬6) يقصد بمصطلح القوم هنا : المذاهب الأخرى ، وهي كلمة يطلقها الإباضية على مخالفيهم من المذاهب الأخرى .
صفحه ۶۸