فإن قال محتجا بقوله - صلى الله عليه وسلم - :" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (¬1) ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : "كل مشكوك موقوف " (¬2) . فالجواب أن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - يكون على معاني كثيرة ، ومنها كل مشكوك في معرفة ضلال أحد فلا يقطع عليهم بضلالهم ولا البراءة منهم ، فإن كانوا من قبل أولئك ووقع الشك فيهم بفعل[30/ب] فالبراءة منهم موقوف عنها ، ويجوز له أن يتولاهم كما كانوا من قبل ، وإن لم يكونوا من قبل في حكم الولاية صح أنهم على الحق إلا أنه شك في حكم لم يعرف حقه ولا باطله ، فله أن يتولاهم ، وموقوف أن يبرأ منهم .
أما ترى لو حضرت الصلاة ومعك أربعة أواني[ و] (¬3) فيها ماء ، ومر كلب ورأيته عيانا أنه ولغ من ثلاثة أواني ، ومر بالرابع ولم تره ولغ ، وشك في نفسك أنه ولغ منه أم لا ، أنه يبقى على حكمه الأول ، ويلزم منه الوضوء للصلاة ، وترك الوضوء من الثلاثة ، فلم يلزم الوقوف عن الوضوء [ (¬4) من] الذي شك فيه ، فإن قال أن هذا أصله طاهر ، وهذه الفرقة لم تكن من قبل معي طاهرة مما شككت فيها ، قلنا طهارتها هي لم نر في أصولها تصريح ضلال [26/ج] كان منهم .
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ص177 رقم 1723 ، و الدارمي في (كتاب البيوع 2- باب ما يريبك إلى ما لا يريبك ) (2/197) رقم 2532 ، و الحاكم في المستدرك (1/166) رقم 166 ، و ابن حبان في صحيحه (2/498) رقم 722 ، و ابن خزيمة (4/59) رقم 2348 ، و عبد الرزاق في المصنف (3/117) رقم 4984 ، و البيهقي في السنن الكبرى (5/335) ، رقم 10601 ، و أبو يعلى (12/132) رقم 6762 ، و البزار في مسنده (4/175) رقم 1336 حمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ، البحر الزخار ، تحقيق :د. محفوظ الرحمن زين الله ، مؤسسة علوم القرآن ، مكتبة العلوم والحكم بيروت ، ط1 1409ه ، و الطبراني في المعجم الكبير (3/75) رقم 2708 .
(¬2) لم نستطع تخريجه .
(¬3) سقط في أ.
(¬4) سقط في ب.
صفحه ۶۰