فإن قيل أن عليا قلدهما أمر الإمامة على شرط ليحكما له بها فلم يصح ذلك بالشهرة بل بالاتفاق أنه لم يقع شرط منه عليهما كذلك ، وإن كان ليأتي كل واحد منهما من الحق ، ويحكمان بما يتفقا عليه ، فهما متجادلان ينبغي أن يسمع حاكمان غيرهما يعرفان الأصح مما يتجادلان به [هما] (¬1) يحكمان بذلك ، وبالإجماع أنهما حاكمان لا يتجادلان ، وبالاتفاق من جميع أهل المذاهب أن الذي حكمه علي خلع عليا من الإمامة ، وقيل أنه كذلك خلعه عمرو بن العاص بعد ذلك فلم يرض علي، فقال الخوارج إن كان ما صنعه علي حقا فقد خلعاه وبعد الخلع لم يصح أنه نصبه أحد من المسلمين إماما ، وإن كان باطلا فقد انخلع بإصراره على الباطل.
فإن قيل ما فعله من الرأي الذي [23/ج] يجوز[ فيه] (¬2) الاختلاف فرآه أولا هو[27/ب] الأعدل فعمله، ثم رآه بعد ذلك أن الأعدل أن لا يرضى بذلك. فالجواب أنه برأي الأعدل فعل ذلك ففعلوه على ما جاز له ولهما ثم نقضه بعد انقضاء حكمهما (¬3) على ما جاز ، فالأمر على هذا راجع إلى أنه كان من الحق ، وانخلع على الوجه الجائز له ولهما ، فلم ينقض حكم حاكم حكمه فحكم بالوجه الحق ، فإن قيل ليس لهما أن يخلعاه ، فالجواب أنه رجع بهذا إلى أن الحكومة باطلة لأنه قلد أمر إمامته حكمين يحكمان بها بالوجه العدل في من شاءه من أهل الحق إماما ، وذلك باطل فلم يحكم عليه الخوارج إلا بحكم فعله هو من خلع نفسه بتقليده [14/أ]إمامته حاكمان يحكمان بها كما ذكرناه فخلعاه فانخلع معهم كما كان ذلك من فعل نفسه لنفسه.
¬__________
(¬1) سقط في ج و في ب ومهما.
(¬2) سقط في ب ، و في ج لا يجوز فيه .
(¬3) في ب حكمها.
صفحه ۵۷