- رحمه الله- قتل رجل يقطع الطرق ، ويكسب أموال المارين ، ويقتل من استطاع قتله من النفوس إن أمتنع عليه في بذل ماله ، وكذلك الجبابرة أهل الحصون المانعة ، إذا طغوا في البلاد على العباد , وبالقتل بغير الحق ولم يقدر عليهم أجاز أن يقتلوا دغيلة (¬1) ، بسم أو بعلم أو غير ذلك .
وكثير من علمائنا الأوائل لم يجيزوا قتل الدغيلة ، فقال بعض علمائنا المتأخرين لو شاهد العلماء الأوائل عصر وزمان أهل هؤلاء الذين أجزنا فيهم ذلك ، ابتلوا بمثل ما ابتلينا بهم ؛ لأجازوا ما أجزناه فيهم ، وقس بما ذكرناه على ما لم نذكره (¬2) .
فصل
فإن قيل إن الأمة الإسلامية لما افترقت إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة واحدة، صار أهل كل فرقة يرون أن الحق من الدين هو الذي معهم ، مما لا تقوم الحجة بمعرفة صحته إلا بالسماع رؤية لا يشكون فيها ، وأهل الفرقة المحقة يرون الحق أنه معهم ، لا إنهم أنور عقولا ، ولا أشد فهما ، ولا أبلغ علما ، وإنما كان كذلك معهم من قبل فرأوه كما رأى غيرهم من خالفهم (¬3) ،[و] (¬4) كذلك مذاهبهم فكانت رؤية أهل[9/ب] الحق للحق بالتوفيق بتمسك أوائلهم بذلك أولا، لا باجتهادهم ف[لو] (¬5) كان أوائلهم ضالين في شيء من ذلك من الدين [8/ج] لضلوا به متابعيهم ، ولم يهتدوا إلى الحق فيه ، وكانوا كغيرهم ممن ضل .
¬__________
(¬1) دغيلة : اسم مفرد من دغل : و هو في اللغة دخل في الأمر مفسد ، و يقال رجل مدغل : أي رجل مفسد، و يقال أيضا لكل موضع يخاف فيه الاغتيال ، و يقال أدغل بالرجل خانه و اغتاله . لسان العرب مادة دغل (11/245) .
(¬2) في ب يذكره.
(¬3) في ب مخالفهم.
(¬4) سقط في أ.
(¬5) سقط في ب.
صفحه ۳۹