السور الكبير الذي يحيط بقراها ومزارعها. وقصورها، قطره اثنا عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا، ولا يرى في ذلك قفار ولا خراب ولا بور؛ بل هو مشبك بالقصور والبساتين والمحال والسكك المفترشة والقرى المتصلة. وقد قال مصنف كتاب ((صورة الأرض)) وكان في أوائل المائة الرابعة، ومن كتابه لخص المصنف -رحمه الله تعالى- ما ذكره. قال: ولم أر ولم أسمع في الإسلام بظاهر بلد أحسن من ظاهر بخارا، لأنك إذ علوت قهندزها لم يقع بصرك من جميع النواحي إلا على خضرة تتصل خضرتها بلون السماء، وكأن السماء مكبة زرقاء على بساط أخضر تلوح القصور فيما بين ذلك كالتراس التبتية، أو الحجف اللمطية، أو كالكواكب العلوية بياضا ونوار بين أراضي ضياع مقومة بالاستواء، مهندمة كوجه المرآة بغاية الهندسة، وليس بما وراء النهر من البلاد ولا غيرهم من البلدان أحسن قياما بالعمارة والضياع منهم، مع كثرة متنزهات في سعة المسافة وفسحة المساحة من أرضهم، وذلك لهم دون غيرهم، لأن المشار إليه من متنزهات الأرض سغد سمرقند، ونهر الأبلة، وغوطة دمشق.
وذكر أن سغد سمرقند أنزه الثلاثة لأن من حد بخارا على وادي السغد يمينا وشمالا ضياعا تتصل إلى حد جبال البتم، لا تنقطع خضرتها، ولا تتصرم زهرتها، ومقدارها في المسافة ثمانية أيام مشتبكة الخضرة والبساتين والرياض والميادين، قد حفت بالأنهار الدائم جريها ومن وراء الخضرة عن جانبي النهر مزارعها.
وفواكه بخارا أصح فواكه ما وراء النهر وألذ طعما، ومياههم من النهر الأعظم الجاري بنواحي سمرقند، ويعرف بنهر السغد، وهو من جبال البتم الأوسط، ويتشعب من هذا النهر في بخارا أنهار كثيرة يحمل غالبها السفن لغزارة مياهها، وجميعها داخل السور المذكور.
ودون هذا السور الذي ذكرناه السور الثاني وهو نحو فرسخ مثله.
والسور الثالث السور الحصين المحتاط بالمدينة التي ببخارا.
وللمدينة سبعة أبواب من حديد. وقهندز خارجها متصل بها وهو في قدر مدينة صغيرة، وبه القلعة وسكن ولاة خراسان ومسجد الجامع على بابه في المدينة.
صفحه ۸۱