بسم الله الرحمن الرحيم:
مقدمة:
الحمد لله الذي رسم الآيات القرآنية، على نحو ما في المصاحف العثمانية، الواجب اتباعها في رسم كل قراءة متواترة عن خير البرية، عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية، وعلى آله وأصحابه وكل من اتصف بالتبعية، أما بعد فيقول العبد الفقير إلى ربه الغني، إبراهيم بن أحمد المارغني: لما يسر الله لي شرح نظم "مورد الظمآن" المتضمن للرسم التوقيفي، وخلافات المصاحف باعتبار قراءة الإمام نافع فقط، وكان نظم العلاقة الشيخ سيدي عبد الواحد بن عاشر المسمى بـ"الإعلان"، "بتكميل مورد الظمآن"، متضمنا لكيفية الرسم ولبقايا خلافيات المصاحف في الحذف، وغيره باعتبار الباقي من قراءات الأئمة السبعة "أردت" تنبيه الخلان مما ذكره مؤلفه في شرحه على "مورد الظمآن" مع زيادة شيء عليه، فإذا أخذ طالب الرسم ما في "الإعلان"، وشرحه مع ما في المورد وشرحه كان على بصيرة في الرسم باعتبار القراءات السبع، وسميت هذا الشرح "تنبيه الخلان، على الإعلان، بتكميل مورد الظمآن، في رسم الباقي من قراءات الأئمة السبعة الأعيان"، جعله الله خالصا لوجهه الكريم، ونفع به النفع العميم، آمين، قال الناظم ﵀: بسم الله الرحمن الرحيم.
١-
بحمد ربه ابتدا ابن عاشر ... مصليا على النبي الحاشر
ضمن في هذا البيت الثناء على الله تعالى، والصلاة على النبي ﷺ، والحاشر من أسمائه ﷺ كما في "الموطأ"، وغيره، عن محمد بن جبير بن مطعم أن النبي ﷺ قال: "لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب" ١، واسم الناظم عبد الواحد بن أحمد بن علي بن
_________
١ أخرجه الإمام البخاري في كتاب المناقب باب ١٧، الحديث رقم: ٣٥٢٢، ٦٠٠/ ٥٥٤، فتح الباري بشرح الإمام البخاري لابن حجر العسقلاني.
1 / 449
عاشر، الأنصاري نسبا، الأندلسي أصلا، الفاسي منشئا ودارا، كان ﵀ عالما عاملا عابدا متفننا في علوم شتى، عارفا بالقراءات وتوجيهها، وبالتفسير والرسم والضبط وعلم الكلام، والأصول والفقه والفرائض وعلوم العربية وغير ذلك، قرأ على شيوخ عديدة وألف تآليف مفيدة منها هذا النظم، وقد ذكر في شرحه على مورد الظمآن أنه تم هذا النظم "الإعلان بتكميل مورد الظمآن"، قال: ضمنته بقايا خلافيات المصاحف في الحذف، وغيره مما يحتاج إليها من تخطي قراءة نافع إلى غيرها من سائر قراءات الأئمة السبعة، إذ ما زال أذكياء الطلبة الناشئين في هذا الفن، وحذاقهم يسألون عن كيفية رسم كثير من المواضع إذا أخذ فيها بغير مقراء نافع، فيقصر في الجواب عن مثل هذه المطالب الجليلة من اقتصر على المورد، وأهمل العقيلة "انتهى"، توفي الناظم ﵀ عشية يوم الخميس ثالث ذي الحجة من عام أربعين وألف، وقوله: "ابتدأ" أصله بهمزة مفتوحة بعد الدال، فسكن همزته ثم أبدلها ألفا، وحذفها لالتقاء الساكنين، التنبيه في أخذ زوائد على ما في مورد الظمآن.
ثم قال:
٢-
هاك زائد لمورد تفي ... بالسبع معه من خلاف المصحف
٣-
المدني والمك والإمام ... والكوف والبصر معا والشأم
أمر في البيت الأول المتأهل للخطاب أن يأخذ زوائد على ما في "مورد الظمآن"، من خلافيات المصاحف العثمانية تفي تلك الزوائد أي تكون وافية مع انضمامها إلى المورد برسم القراءات السبع، وذلك؛ لأن "مورد الظمآن" تكفل لخلافيات المصاحف باعتبار قراءة نافع فقط، وهذا النظم تكفل ببقايا خلافيات المصاحف باعتبار قراءات غير نافع من باقي السبعة، فإذا أخذ طالب الرسم ما في هذا النظم مع ما في المورد كان على بصيرة في الرسم باعتبار القراءات السبع، التي كفل برسمها كلها المقنع لأبي عمر الداني، ونظمه العقيلة للشاطبي، ثم ذكر في البيت الثاني المصاحف العثمانية المتعارفة عند أهل الرسم وهي ستة، وإن كان في عددها خلاف ذكرناه في شرح مورد الظمآن، الأول: الأمام وهو المصحف الذي احتبسه سيدنا عثمان لنفسه، وعنه ينقل أبو عبيد القاسم بن سلام، الثاني: المدني وهو المصحف الذي كان بأيدي أهل المدينة، وعنه ينقل نافع، الثالث: المكي
1 / 450
وهو واللذان قبله هي المرادة بالمصاحف الحجازية، والحرمية عند الإطلاق، الرابع: الشامي: الخامس: الكوفي، السادس: البصري، وهذان عراقيان وهما المرادان بمصاحف أهل العراق عند الإطلاق، وسبب كتابة القرآن في المصاحف أن سيدنا عثمان بن عفان لما بلغه أن أهل حمص، وأهل الكوفة وأهل البصرة يقول كل منهم إن قراءته خير من قراءة غيره جمع ﵁ الصحابة -وكانت عدتهم اثني عشرة ألفا- فما أخبرهم بذلك الخبر أعظموه، وقالوا: ما ترى؟ قال: أرى أن يجمع الناس على المصحف، فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف، فقالوا: نعم ما رأيت، فأحضر الصحف التي جمع فيها القرآن في خلافة أبي بكر الصديق وكانت عند حفصة، وأحضر زيد بن ثابت ومن كان معه، وأمره بكتب المصاحف فكتبها على العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله ﷺ على جبريل في العام الذي قبض فيه، ثم أرسل سيدنا عثمان إلى مكة مصحفا، وإلى الشام مصحفا، وإلى الكوفة مصحفا، وإلى البصرة مصحفا، وأمسك بالمدينة مصحفا لأهل المدينة، ومصحفا لنفسه وهو المسمى بالإمام، وقد كان في تلك البلاد في ذلك الوقت الجم الغفير من حفاظ القرآن من التابعين، فقرأ أهل كل مصر بما في مصحفه، ونقلوا ما فيه عن الصحابة الذين تلقوه من النبي ﷺ، وقول الناظم "هاك" اسم فعل بمعنى "خذ"، واللام في قوله: "لمورد" بمعنى "على"، وخفف ياء النسب من "المدني"، وحذفها من "المكي" و"الكوفي"، و"البصري" و"الشامي" للضرورة اختلاف الرسم في القراءات.
ثم قال:
٤-
فارسم لكل قارئ منها بما ... وافقه إن كان مما لزما
٥-
أو بمخالف اغتفر ... وكن في الإجماع من الخلف حذر
ذكر في هذين البيتين، واللذين بعدهما مسائل مفيدة تتأكد معرفتها قبل المقصود بالذات، ما أشار إليه بقوله: "فارسم لكل قارئ" البيت، أي يتعين أن يرسم لكل قارئ من خلافيات المصاحف برسم المصحف الذي يوافق قراءته، ولا يجوز أن يرسم له بما يخالفها له نحو: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا﴾ ١ رسم في بعض المصاحف بالواو قبل: ﴿وَقَالُوا﴾
_________
١ سورة البقرة: ٢/ ١١٦.
1 / 451
وفي بعضها بإسقاطها كما سيأتي فيتعين رسم الواو لمن أثبتها من القراء لفظا، وترك رسمها لمن أسقطها منهم لفظًا، ولا يجوز إسقاطها رسما لمن أثبتها لفظا ولا العكس؛ لأن هذا النوع من المخالفة لم يتقرر الإجماع على اغتفار فرد منه فلا يجوز، واحترز بقوله: "إن كان مما لزم" عما لا يلزم فيه صريح الموافقة نحو "الرياح"، الذي اختلفت المصاحف في حذف ألفه يجوز أن يرسم لنافع الذي أثبت ألفه لفظا بإثباتها رسما وهذا صريح الموافقة، ويجوز أن يرسم بحذفها وإن كان فيه مخالفة لقراءته؛ لأن هذا النوع من المخالفة مغتفر لتقرب الإجماع على إفراد منه كـ"الرحمان"، و"العالمين"، وهذا معنى قوله: "أو مخالف خلافا اغتفر"، فقوله: "بمخالف" معطوف بـ"أو" على قوله: "بما وافقه" و"أو" للتخيير بين الموافقة والمخالفة.
والحاصر أن الذي يغتفر من أنواع المخالفة هو ما ثبت الاغتفار في فرض منه فأكثر اتفاقا، والذي لا يغتفر منها هو ما لم يثبت فيه ذلك، ثم حذر بقوله: "وكن في الإجماع من الخلف حذر" من مخالفة رسم المصاحف فيما أجمعت عليه لكونها ممتنعة، ويأخذ منه أن المخالفة المغتفر نوعها، إنما يجوز ارتكابها إذا ورد بها مصحف عثماني كما تقدم في "الرياح" الذي اختلفت المصاحف في حذف ألفه، فإن لم ترد عن مصحف عثماني لم تجز كحذف ألف "قال"، وإذا كان صريح الموافقة ممتنعا فيما أجمعت المصاحف فيه على المخالفة كحذف ألف "الرحمان" و"العالمين"، فلأن تمتنع المخالفة فيما أجمعت فيه على الموافقة كإثبات ألف "قال من باب أولى"، وقوله: "حذر" بكسر الذال وهو خبر "كن"، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة الضابط الذي يحصل كيفية الرسم.
ثم قال:
٦-
وما خلا عن خلفها فمفرد ... كنافع لكن يراعى المورد
٧-
ووثقن بالرسم ممكن الوفاق ... كليسوءوا ورؤف لا شقاق
أشار في البيت الأول إلى إعطاء ضابط، يحصل معه كيفية الرسم في جميع المصاحف بالنسبة لسائر المقارئ في المواضع التي لم يذكر فيها اختلاف المصاحف في هذا النظم المسمى بالإعلان، ولا في "مورد الظمآن"، فأخبر أن ما لم يذكر فيه خلاف
1 / 452
المصاحف في "المورد" ولا في "الإعلان"، فهو مفرد بوجه واحد في المصاحف، وذلك الوجه هو الذي قرأ به نافع لكن يراعى في ذلك ما ذكره من مخالفاته في: "مورد الظمآن"، مثال ذلك: ﴿الصِّرَاطَ﴾ ١، و﴿نُنْسِهَا﴾ ٢ و﴿بِضَنِينٍ﴾ ٣ فإنها لما لم يتعرض للخلاف فيها بين المصاحف عرف أنها كتبت بوجه واحد في جميعها، وذلك الوجه هو الذي قرأ به نافع، وهو الصاد في: ﴿الصِّرَاطَ﴾ وعدم صورة الهمزة في: ﴿نُنْسِهَا﴾ لفقدها من قراءته، والضاد في ﴿بِضَنِينٍ﴾ وإن قرأ غيره في الأول بالسين، وفي الثاني بالهمزة وفي الثالث بالظاء، لكن لا بد في إحالة مواضع الإجماع على مقرأ نافع من مراعاة ما نص فيه "المورد" على مخالفته للرسم من حروف نافع، مثال ذلك ﴿الرَّحْمَنِ﴾ ٤، و﴿الْعَالَمِينَ﴾ ٥، فإن رسم جميع المصاحف فيه مطابقة لمقرإ نافع، ولكن ليس الألف فيها مثبتا كما قرأ به هو وغيره لنص "المورد" على حذف ألفيهما، فهذا من المخالفة التي لا يصح إحالة الرسم فيها على مقرإ نافع، ومثاله أيضًا: ﴿كَلِمَاتٍ﴾ ٦ في "الأنعام"، فإن إحالتها على مقرإ نافع اقتضى ثبوت الألف، وكتبها بالتاء لكن نصه على حذف باب "ذريات"، يوجب حذف الألف فتحذف، ويبقى كتبها بالتاء على أصل مقتضى الإحالة.
ثم أشار في البيت الثاني على أن إحالة الرسم على مقراء نافع، إنما هي في مجرد الصورة الرسمية لا في أعيان الحروف، فنحو: ﴿تَعْلَمُونَ﴾ ٧ مما قرأه نافع بالخطاب وغيره بالغيبة، أو بالعكس إحالة الرسم فيه على مقرإ نافع، إما في مجرد سين في أوله لا في كون ذلك السين عين التاء الفوقانية أو الياء التحتانية، وكذا نحو: ﴿لِيَسُوءُوا﴾ ٨، فإن صاحب "المورد" نص على حذف أحد واويه، وأن الأحسن كونها هي التي بين السين والهمزة، فلا يلزم من إحالته على قراءة نافع أن تكون الواو في قراءة الكسائي إياه بالنون
_________
١ سورة الفاتحة: ١/ ٦.
٢ سورة البقرة: ٢/ ١٠٦.
٣ سورة التكوير: ٨١/ ٢٤.
٤ سورة الفاتحة: ١/ ١، وعددها في القرآن بالتعريف "٥٧" كلمة.
٥ سورة الفاتحة: ١/ ٢، وعددها في القرآن بالتعريف "٧٣" كلمة.
٦ سورة البقرة: ٢/ ٣٧، وعددها في القرآن بالتعريف "٨" كلمات.
٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٢، وعددها بالتاء "٥٦" كلمة.
٨ سورة الإسراء: ١٧/ ٧.
1 / 453
منصوبًا بالفتحة دون واو بعده كذلك، بل الإحالة في مجرد الصورة، ولا شك أن تلك الصورة مطابقة لقراءته لكن على أن الواو الموجودة هي التي بين السين، والهمزة لا تستحق صورة على قاعدة المتطرفة بعد ساكن لكنها صورت ألفا كـ ﴿تَبُوءَ﴾ ١، وهذا مخالف لتقرير المطابقة على مقرإ نافع، وكذا محو ﴿رَؤُوفٌ﴾ ٢، فإن إخالة رسمه على مقرإ نافع إنما هي في مجرد الصورة، ولا شك أن تلك صورته عند من قرأه بقصر الهمزة، لكن تقدير المطابقة مختلف، ففي قراءة نافع لا صورة للهمزة لاجتماع صورتها مع الواو الناشئة عن ضمتها، وفي قراءة البصري والأخوين، وشعبة والواو صورة الهمزة على قاعدة المتحركة وسطا بعد متحرك، ولذا تجعل الهمزة على قراءتهم فوق الواو، وقوله "لاشتقاق" تتميم للبيت حكم كلمات إبراهيم في المصاحف:
ثم قال:
٨-
من سورة الحمد للأعراف اعرفا ... فياء إبراهيم في البكر احذفا
٩-
لغير حرمي وقالوا اتخذا ... يحذف شام واواه أوصى خذا
١٠-
للمدنيين وشام بالألف ... يقاتلون تلو حق مختلف
١١-
والمك والعراق واوا سارعوا ... بالزبر الشامي بباء شائع
١٢-
كذا الكتاب بخلاف عنهم ... والشام ينصب قليلا منهم
١٣-
واو يقول للعراقي فزد ... والمدنيان وشام يرتدد
من هنا شرع الناظم في المقصود بالذات، وقسمه إلى أربعة أرباع: الربع الأول: سورة الحمد إلى سورة الأعراف، وقد تكلم فيه على بقية مواضعه التي اختلفت فيها المصاحف، وجملتها أربعة عشر موضعا، ذكر منها في هذه الأبيات عشرة مواضع:
الموضع الأول: ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ ٣ في البقرة أثبتت ياؤه في المدنيين، والمكي وحذفت في العراقيين والشامي، ذكر في "المقنع" في باب ما اختلف فيه مصاحف أهل الأمصار بالإثبات، والحذف بسنده إلى نصير أنه قال: كتبوا في سورة البقرة في بعض المصاحف
_________
١ سورة المائدة: ٥/ ٢٩.
٢ سورة البقرة: ٢/ ١٤٣، ع: ١١ كلمة.
٣ سورة البقرة: ٢/ ١٢٤، ع: ٦٩ كلمة في القرآن.
1 / 454
﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ بغير ياء، قال أبو عمرو: وبغير ياء وجدت أن ذلك في مصاحف أهل العراق في البقرة خاصة، وكذلك رسم في مصاحف أهل الشام، وقال معلى بن عيسى الوارق عن عاصم الجحدري: ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ في البقرة بغير ياء، وكذلك وجد في الإمام "انتهى"، ولم يذكر الناظم ما في نقل "المقنع" عن عاصم الجحدري من أن ياء: ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ في البقرة محذوفة في الإمام تقليدا للشاطبي في عقيلته، حيث لم يعرج عليه وإن قال الجعبري: إن إسقاطه من العقيلة نقص، قال أبو داود بعد أن نقل عن أبي عمرو ما قاله من أنه وجده بغير ياء، في مصاحف أهل العراق في "البقرة" خاصة، وأنه رسم كذلك في مصاحف أهل الشام ما نصه: ورسم ذلك كله -والله أعلم- لقراءتهم ذلك بألف بين الهاء والميم "انتهى"، وعلى ما بقي في بعض المصاحف من كتب: ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾، بغير ما يتعين أن المحذوف منه هو الزلف على قاعدة الأسماء الأعجمية، ولا يمكن تقدير المحذوف ياء إذ لا يعهد حذف ياء اختصارا في الوسط إلا ياء: ﴿إِيلافِهِمْ﴾ ١، وهي بدل من همزة، وقد طرق الجعبري في إثبات الياء وحذفها احتمال القراءتين معا فراجعه إن شئت.
الموضع الثاني: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ ٢ ذكره في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الحجاز، والعراق والشام المنتسخة من الإمام بالزيادة والنقصان قال: وهذا الباب سمعناه من غير واحد من شيوخنا من ذلك في: "البقرة" في مصاحف أهل الشام: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ ٣ بغير واو قبل ﴿قَالُوا﴾، وفي سائر المصاحف ﴿وَقَالُوا﴾ بالواو.
الموضع الثالث: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ﴾ ٤ قال في "المقنع": وفي مصاحف أهل المدينة والشام: ﴿وَوَصَّى بِهَا﴾ بألف بين الواوين، قال أبو عبيد: وكذلك رأيتها في الإمام مصحف عثمان ﵁، وفي سائر المصاحف ﴿وَوَصَّى﴾ بغير ألف.
الموضع الرابع: في "آل عمران": ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾ ٥، ذكره في "المقنع" في باب ما ختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار بالإثبات، والحذف فقال: في "آل عمران" في بعض المصاحف: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ﴾ بالألف وفي بعضها: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ﴾ بغير ألف "انتهى"، ولم يبين الناظم الخلاف في هذا الموضع بل أبهمه
_________
١ سورة قريش: ١٠٦/ ١.
٢ سورة البقرة: ٢/ ١١٦.
٣ سورة البقرة: ٢/ ١٣٢.
٤ سورة البقرة: ٢/ ١٣٢.
٥ سورة آل عمران: ٣/ ٢١.
1 / 455
تبعا لـ"المقنع" و"العقيلة"، وقال أبو داود: وكتبوا في مصاحف أهل المدينة والشام: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ﴾ بغير ألف بعد القاف من القتل، واختلف مصاحف سائر الأمصار فيه، ففي بعضها ذلك بغير ألف، وفي بعضها: ﴿يُقَاتِلُونَ﴾ بألف من القتال "انتهى"، وقد عين الناظم هذا الموضع بتقييده بقوله "تلو حق"، أي الواقع تاليا أي بعده.
الموضع الخامس: ﴿سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ١، قال في "المقنع": وفي "آل عمران" في مصاحف أهل المدينة والشام: ﴿سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾ بغير واو قبل السين، وفي سائر المصاحف: ﴿وسَارِعُوا﴾ بالواو "انتهى"، وهو معنى قول الناظم: "والملك والملك والعراق واوا سارعوا"، أي زادوا سارعوا واوا، واعلم أن الناظم اعتمد في المواضع الأربعة عشر وتعيين مواضع فيها، والنقصان على ما هو معروف عند أصحاب فن القراءات مشهور عندهم من وجوه الخلاف للقراء في هذه المواضع وتعيين محله منها، فلا يسمع البحث في نظمها بأن يقال مثلا: قوله ﴿وَوَصَّى﴾ بالألف يوهم أن المراد أنه بالألف بعد الصاد في مقابلة من كتبه بالياء، أو يقال مثلا: قوله "والملك والعراق واوا سارعوا" يوهم أنه في هذه المصاحف بواو بعد العين، وغيرها بحذفها بعدها وعلى ذلك وفقس.
الموضع السادس والسابع: ﴿جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ﴾ ٢، قال في "المقنع": وفيها أي، "آل عمران" في مصاحف أهل الشام: ﴿وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ﴾ بزيادة باء في الكلمتين كذا رواه خلف بن إبراهيم عن أحمد بن محمد بن علي بن عيسى عن أبي عبيد، عن هشام بن عمار عن أيوب بن تميم، عن يحيى بن الحارث عن ابن عامر، وعن هشام عن سويد بن عبد العزيز، عن الحسن بن عمران عن عطية بن قيس عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ﵁، عن مصاحف أهل الشام، وكذا حكى أبو حاتم أنهما مرسومتان بالباء في مصحف أهل حمص الذي بعث به عثمان إلى الشام، وقال هارون بن موسى الأخفش الدمشقي: إن الباء زيدت في الإمام يعني الذي وجه به إلى الشام في "وبالزير" وحدها، وروى الكسائي عن أبي حيوة بن شريح بن يزيد أن ذلك كذلك في المصحف الذي بعث به عثمان إلى الشام، والأول أعلى إسنادا وهما في سائر المصاحف
_________
١ سورة آل عمران: ٣/ ١٣٣.
٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٨٤.
1 / 456
بغير باء "انتهى"، وهذا معنى قول الناظم "بالزبر الشامي بباء شائع" "كذا الكتاب بخلاف عنهم"، يعني عن الناقلين عن المصحف الشامي.
الموضع الثامن: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ ١، قال في "المقنع": وفي مصاحف أهل الشام: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ بالنصب وفي سائر المصاحف: ﴿إِلَّا قَلِيلٌ﴾ بالرفع.
الموضع التاسع: في "المائدة": ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ٢ قال في "المقنع"، وفي "المائدة" في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بغير واو وقبل ﴿يَقُولُ﴾، وفي مصاحف أهل الكوفة والبصرة وسائر العراق: ﴿ويَقُولُ﴾ بالواو.
الموضع العاشر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ﴾ ٣ قال في "المقنع": وفيها أي "المائدة" في مصاحف أهل المدينة: ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ﴾ والشام بدالين، وقال أبو عبيد: وكذلك رأيتها في الإمام بدالين، وفي سائر المصاحف: ﴿يَرْتَدَّ﴾ بدال واحدة فك الإدغام.
ثم قال الناظم:
١٤-
للدار للشام بلام وهنا ... قد حذف الكوفي تا أنجيتنا
١٥-
وشركاؤهم ليرددهم بيا ... للشام في محل همز أبديا
١٦-
في ساحر العقود مع هود اختلف ... وأول بيونس كذا ألف
ذكر في هذه الأبيات من المواضع الأربعة عشر، وقد تقدم منها عشرة.
والمواضع الحادي عشر: في "الأنعام": ٤ قال في "المقنع": وفي "الأنعام" من مصاحف أهل الشام: ﴿وَالدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ بلام واحدة وفي سائر المصاحف بلامين.
والموضع الثاني عشر: ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ﴾ ٥، قال في "المقنع": وفيها أي "الإمام" في مصاحف أهل الكوفة ﴿لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ﴾، بياء من غير تاء وفي سائر المصاحف بالياء، والتاء وليس في شيء منها بألف بعد الجيم.
_________
١ سورة النساء: ٤/ ٦٦.
٢ سورة المائدة: ٥/ ٥٣.
٣ سورة المائدة: ٥/ ٥٤.
٤ سورة الأنعام: ٦/ ٣٢.
٥ سورة الأنعام: ٦/ ٦٣.
1 / 457
والموضع الثالث عشر: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ ١، قال في "المقنع": وفيها أي "الأنعام" في مصاحف أهل الشام: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ بالياء، وفي سائر المصاحف: ﴿شُرَكَاؤُهُمْ﴾ بالواو.
والموضع الرابع عشر: كلمة ﴿سَاحِرٍ﴾ في "المائدة" والأولى في "يونس"، والتي في "هود"، وذلك قوله تعالى في الأولى: ﴿فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ٢، وفي الثالثة ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾ ٣، وفي الثالثة ﴿لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ٤ ذكر في أبو عمرو الخلاف بين المصاحف في الثلاثة في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار، ولم يتعرض للواقع في الصف، وكذا الجعبري في الجميلة، والخلاف في رسم الألف على صيغة المصدر.
تنبيهان:
الأول: استفيد من كلام الناظم المتقدم أن من المواضع ما اختلفت قراءته، ووجد لكل قراءة مصحف يوافقها، وهذا القسم هو المقصود بالنظم، وهو المشار إليه بقوله: "فارسم لكل قارئ منها بما وافقه"، ومن المواضع ما اختلفت قراءته، واتفقت المصاحف فيه على موافقة مقرأ ومخالفة آخر، وهذا القسم المشار إليه بقوله: "وما خلا عن خلفها فمرد" على ما تقدم في شرحه، ومن المواضع ما اختلفت قراءته، واحتمل رسم المصاحف كلا من وجوه قراءته، وهذا القسم هو المشار إليه بقوله: "ووفقن بالرسم ممكن الوفاق"، ومن المواضع ما اتفقت قراءته، واجتمعت المصاحف على مخالفته كالرحمان، وهذا القسم مندرج في قوله: "لكن يراعى المورد"، ومن تقرير هذه الأقسام الأربعة تعلم أنه لا تصح دعوى أن كل مقرإ له مصحف يوافقه صريحا، وكيف تصح دعوى ذلك، وكثير من المواضع اتفقت فيها المصاحف، واختلفت فيها المقارئ كما قدمناه في نحو: ﴿الصِّرَاطَ﴾، و﴿نُنْسِهَا﴾، و﴿بِضَنِينٍ﴾، ومثل ذلك ﴿يَبْسُطُ﴾ في البقرة و﴿بَسْطَةً﴾ و﴿بِمُصَيْطِرٍ﴾ .
الثاني: نص الجعبري في "الجملة"، وفي مواضع كن كنز المعاني على أن كون المصحف الموافق للمقرإ عند اختلاف المقارئ، والمصاحف هو المشارك في المصر أمر غالب لا
_________
١ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٧.
٢ سورة المائدة: ٥/ ١١.
٣ سورة يونس: ١٠/ ٢.
٤ سورة هود: ١١/ ٧.
1 / 458
لازم، فمن الغالب أكثر المواضع الأربعة عشر المتقدمة، ومن غير الغالب: ﴿الْمُنْشَآتُ﴾ بياء بعد الشين في المصاحف العراقية على مراد كسر الشين على ما قاله الشيخان، وأبو عمرو البصري، وعاصم في إحدى الروايتين عنه، والكسائي من أهل العراق يفتحون الشين، ومنه أيضا: ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ﴾ ١ بحذف الهاء من ﴿عَمِلَتْهُ﴾ في المصحف الكوفي مع قراءة عاصم من الكوفيين في إحدى الروايتين عنه بإثبات الهاء والله أعلم، الكلام على الربع الثاني من التنبيه:
ثم قال الناظم:
١٧-
من سورة الأعراف حتى مريما ... تذكرون الشام ياء قدما
١٨-
وواو ما كنا له أبينا ... بعكس قال بعد مفسدينا
١٩-
بكل ساحر معا هل بالألف ... وهل يلي الحا أو قبيلها اختلف
٢٠-
بالألف الشام إذ أنجاكم ومن ... مع تحتها آخر توبة يعن
٢١-
للمك والذين بعد المدني ... والشام لا واو بها فاستبن
٢٢-
كلمة الثاني بيونس هما ... بالتا وفي العراق بالها ارتسما
٢٣-
وفي يسيركم ينشركم ... للشام قل سبحان قال قد رسم
٢٤-
له وللمكي ثم منهما ... منقلبا العراقي رسما
٢٥-
معا خرجا بخلاف قد أتى ... وفخراج للجميع أثبتا
٢٦-
مكنني للمك نونا ثانيا ... والكل اتوني معا بغير يا
من هنا شرع الناظم في الربع الثاني من "الإعلان"، وأوله من سورة "الأعراف" إلى سورة "مريم"، وقد ذكر في الربع بقية مواضع التي اختلفت فيها المصاحف، وجملتها ثلاثة عشر موضعا:
الموضع الأول: ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ ٢ في أول "الأعراف" قال في "المقنع": في مصاحف أهل الشام قليلا ما يتذكرون بالياء، والتاء وفي سائر المصاحف تذكرون بالتاء من غير ياء.
_________
١ سورة يس: ٣٦/ ٣٥.
٢ سورة الأعراف: ٧/ ٣.
1 / 459
الموضع الثاني: وما كنا لنهتدي في الأعراف أيضا، قال في "المقنع" في مصاحف أهل الشام ما كنا لنهتدي بغير واو قبل "ما"، وفي سائر المصاحف "وما" بالواو.
الموضع الثالث: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ ١، الواقع بعد: ﴿مُفْسِدِينَ﴾ في "الأعراف" أيضا، قال في "المقنع": في مصاحف أهل الشام في قصة صالح: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ بزيادة واو قبل: ﴿قَالَ﴾، وفي سائر المصاحف ﴿قَالَ﴾ بغير واو، ومعنى قول الناظم "أبينا" حذف والضمير قوله: "له" يعود على المصحف الشامي وقوله: "بعكس" قال معناه: حذف الواو قبل ﴿مَا كُنَّا﴾ عكس إثباتها قبل قال الواقع بعد: ﴿مُفْسِدِينَ﴾ .
الموضع الرابع: ﴿بِكُلِّ سَاحِرٍ﴾ في سورتي "الأعراف"، و"يونس" ذكره في "المقنع" في باب ما اختلف فيه مصاحف أهل الأمصار، فقال: في "الأعراف"، وفي بعضها يعني بعض المصاحف: ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ ٢ الألف بعد الحاء، وفي بعضها ساحر الألف قبل الحاء، ثم قال في "يونس"، وفي بعضها ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ ٣ الألف بعد الحاء، وفي بعضها: "سحر" بغير ألف انتهى، ومثله لأبي داود، وقد خالف الشيخان بين الموضعين كما ترى في النقل، ولكن المتحصل في كل منهما ثلاثة أوجه: الألف وثبته وهذان الوجهان هما اللذان ذكرهما صاحب المورد، وإليهما الإشارة بقول الناظم: "بكل ساحر معا هل بالألف"، الوجه الثالث ثبت الألف متأخرا عن الحاء، وهذا ومقابلة هما المشار إليهما بقول الناظم: "وهل يلي الحاء أو قبيلها اختلف"، أي هل يلي الألف الحاء أو هو قبلها، ثم أجاب عنه بأن المصاحف اختلفت في ذلك، وهذا يلي الألف الحاء أو هو قبلها، ثم أجاب عنه بأن المصاحف اختلفت في ذلك، وهذا الخلاف مفرع على أحد وجهي الخلاف المتقدم بالإثبات ومقابله، وإنما أعاد الناظم في الشطر الأول الخلاف الذي في المورد، ولم يقتصر على الخلاف الذي ذكره في الشطر الثاني مع أنه هو المقصود بالذات، لئلا يتوهم من الاقتصار على الخلاف الذي ذكره في الشطر الثاني، مع أنه هو المقصود بالذات، لئلا يتوهم من الاقتصار على الخلاف بتقدم الألف، وتأخرها في هذين الموضعين خروجهما من الخلاف المذكور في "المورد" بالحذف والإثبات.
_________
١ سورة الأعراف: ٧/ ٧٥.
٢ سورة الأعراف: ٧/ ١١٢.
٣ سورة يونس: ١٠/ ٧٩.
1 / 460
الموضع الخامس: ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ﴾، قال في "المقنع": وفيها أي في "الأعراف" في مصاحف أهل الشام: ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ ١ بألف من غير ياء ولا نون، وفي سائر المصاحف: ﴿أَنْجَيْنَاكُمْ﴾ بالياء والنون من غير ألف انتهى، وقد اكتفى الناظم في كيفية رسم هذا اللفظ للشامي، وغيره بالإشارة عن العبارة اعتمادًا على شهرة ذلك.
الموضع السادس: ﴿مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ قال في "المقنع": وفيها أي في "براءة" في مصاحف أهل مكة: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ بعد رأس المائة بزيادة "من"، وفي سائر المصاحف بغير "من" انتهى، والمراد به الواقع في حزب: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ﴾، وهو معنى قول "المقنع" بعد رأس المائة، وقول الناظم "آخر توبة".
الموضع السابع: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ ٢ قال في "المقنع": وفي "براءة" في مصاحف أهل المدينة والشام: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ بغير واو قبل الذين، وفي سائر المصاحف: ﴿وَالَّذِينَ﴾ بالواو.
الموضع الثامن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ ٣ في "يونس" ذكره في "المقنع" في باب ذكر ما رسم في المصاحف من هاءات التأنيث بالتاء، فقال: فإني وجدت الحرف الثاني من "يونس" في مصاحف أهل العراق بالهاء، ثم أسند إلى أبي الدرداء في مصاحف أهل الشام كلمات على الجمع، ثم قال أبو عمرو: ووجدته أنا في المصاحف المدنية "كلمات" بالتاء على قراتهم انتهى، ولم يذكر فيه عن المكي شيئا، وقد ذكر في "التنزيل" أن الذي في "الأنعام"، والذين في "يونس"، والذي في "الطول" كتبت في مصاحف أهل المدينة بالتاء، وأن مصاحف أهل الأمصار اختلفت فيها، وضميرهما في كلام الناظم يعود على المدني والشامي.
الموضع التاسع: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ﴾ ٤ قال في "المقنع": وفي "يونس" في مصاحف أهل الشام: "هو الذي يَنْشُرُكُمْ في البر والبحر" بالنون والشين، وفي سائر المصاحف يسيركم بالسين والياء.
الموضع العاشر: ﴿قُلْ سُبْحَانَ﴾ قال في "المقنع" وفي "سبحان" في مصاحف أهل مكة والشام: ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ﴾ ٥ بالألف، وفي سائر المصاحف قل بغير ألف.
_________
١ سورة الأعراف: ٧/ ١٤١.
٢ سورة التوبة: ٩/ ١٠٧.
٣ سورة يونس: ١٠/ ٩٦.
٤ سورة يونس: ١٠/ ٢٢.
٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٩٣.
1 / 461
الموضع الحادي عشر: ﴿خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ قال في "المقنع": وفي "الكهف" في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام: ﴿خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ ١ بزيادة ميم بعد الهاء على التثنية، وفي سائر مصاحف أهل العراق خيرا منها بغير ميم على التوحيد.
الموضع الثاني عشر: خراجا معا ذكره في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار، فقال: في "الكهف"، وفي بعض المصاحف: "فهل نجعل لك خراجا"٢ بالألف، وبعضها ﴿خَرْجًا﴾ بغير ألف انتهى، وقال: في سورة "المؤمنين" مثله.
الموضع الثالث عشر: "مكنني" قال في "المقنع": وفيها أي في "الكهف" في مصاحف أهل مكة: ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي﴾ ٣ بنونين، وفي سائر المصاحف بنون واحدة انتهى، ثم استطرد الناظم ذكر موضعين اتفقت المصاحف على رسمها، واختلف القراء فيهما:
الموضع الأول: ﴿فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾ ٤ ذكره في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار، فقال: في "المؤمنين" بعد ذكر الخلاف في خراجا بها ما نصه: وكتبوا ﴿فَخَرَاجُ رَبِّكَ﴾ في جميع المصاحف بالألف انتهى، لما ذكر أبو داود ﴿فَخَرَاجُ﴾ بنحو ما ذكره أبو عمرو قال: ولا أعلم حرفا اختلف القراء في حذفه، وإثباته واجتمعت المصاحف على إثباته غير هذا انتهى.
وإنما لم يذكر الناظم الخلاق في ثبوت الألف بعد ياء: ﴿رِيشًا﴾ ٥ في "الأعراف" وإن نص عليه أبو عمرو، مطابقته لقراءة سبعية إلا ما روي عن طريق عاصم، كما لم يذكر الخلاف في ثبوت الألف عوض الياء بعد الذال من: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ ٦ في "النساء"، وإن نص عليه أبو عمرو أيضا في سورته.
الموضع الثاني: ﴿آتُونِي﴾ معا في "الكهف" ذكره في "المقنع" في باب مت اتفقت على رسمه مصاحف أهل الأمصار، فقال: وكتبوت: ﴿قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ ٧ بغير ياء قال: وكذلك كتبوا الحرف الأول ردما ءاتوني بغير ياء. ا. هـ. قبل التاء في الموضعين.
_________
١ سورة الكهف: ١٨/ ٣٦.
٢ سورة الكهف: ١٨/ ٩٤.
٣ سورة الكهف: ١٨/ ٩٥.
٤ سورة المؤمنين: ٢٣/ ٧٢.
٥ سورة الأعراف: ٧/ ٢٦.
٦ سورة النساء: ٤/ ٣٦.
٧ سورة الكهف: ١٨/ ٩٦.
1 / 462
الربع الثالث من الإعلان:
ثم قال:
٢٧-
من مريم قل ذا الأول ... في الأنبيا للكوف قال يجعل
٢٨-
في قال كم قال مع قال إن عكس جرى ... لا واو للمكي في ألم ير
٢٩-
في المؤمنين آخري لله زد ... للبصر والإمام همز اعتمد
٣٠-
والمك أولى نزل الفرقان ... ويأتيني النمل نونا ثان
٣١-
وحذرون فرهين الألف ... يثبت في بعض وبعض يحذف
٣٢-
في وتوكل عوض الواو بفا ... للمدني والشام والواو احذفا
٣٣-
للمك من وقال موسى وألف ... لؤلؤ فاطر بخلف قد ألف
٣٤-
ما عملته إلها بكوف نكبا ... وألف الظنونا للكل اكتبا
من هنا شرع الناظم في الربع الثالث من "الإعلان"، وأوله من سورة "مريم" إلى سورة "ص"، وقد ذكر في الربع بقية مواضعه التي اختلفت فيها المصاحف، وجملتها اثنا عشر موضعا لم يرتبها الناظم في الذكر على ترتيب القرءان، بل على حسب ما ساعده النظم.
الموضع الأول: لفظ ﴿قُلْ﴾ الأولى في قوله تعالى: "قل ربي يعلم القول"١ في سورة "الأنبياء"، قال في "المقنع": وفي "الأنبياء" في مصاحف أهل الكوفة: ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ﴾ بالألف، وفي سائر المصاحف قل ربي بغير. ا. هـ، واحترز الناظم بقوله الأول عن الثاني في سورة "الأنبياء" وهو: ﴿قَلَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ ٢.
الموضع الثاني: ﴿قَالَ كَمْ﴾، و﴿قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ﴾، في سورة "المؤمنين" ذكرهما في "المقنع" فقال: وفيها في مصاحف أهل الكوفة: ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ ٣، ﴿قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ﴾ ٤، بغير ألف في الحرفين، وفي سائر المصاحف قال بالألف في الحرفين، وينبغي أن يكون الحرف الأول في مصاحف أهل مكة بغير ألف، والثاني بالألف؛ لأن قراءتهم فيهما كذلك ولا خبر عندنا في ذلك عن مصاحفهم، إلا ما رويناه عن أبي عبيد أنه قال: ولا أعلم أن مصاحف
_________
١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٤.
٢ سورة الأنبياء: ٢١/ ١١٢.
٣ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١١٢.
٤ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١١٤.
1 / 463
أهل مكة إلا عليهما يعني على إثبات الألف في الحرفين. ا. هـ. وقد جزم في التنزيل بثبوت الألف في الموضعين في المصحف المكي، ومعنى قول الناظم "عكس جرى" أن الموضعين في مصاحف أهل الكوفة: ﴿قُلْ﴾ بغير ألف، وفي سائر المصاحف: ﴿قَالَ﴾، بالألف على عكس ما تقدم.
الموضع الثالث: ﴿أَلَمْ يَرَ﴾ في "الأنبياء" ذكره في "المقنع"، فقال: وفيها في مصاحف أهل مكة: "ألم يرى الذين كفروا"١ بغير واو وبين الهمزة واللام، وفي سائر المصاحف: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ﴾، بالواو.
الموضع الرابع: ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾، اللفظان الأخيران في سورة "المؤمنين" ذكرهما في "المقنع" فقال: وفي "المؤمنين" في مصاحف أهل البصرة: ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ ٢، ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ ٣، في الاسمين الأخيرين، وفي سائر المصاحف ﴿اللَّهُ﴾، ﴿اللَّهُ﴾ فيهما، قال أبو عبيد: وكذلك رأيت ذلك في الإمام، قال الجعبري: أي بالألفين فيهما. ا. هـ. ثم قال أبو عمرو: وقال هارون الأعور عن عاصم الجحدري: كانت في الإمام ﴿اللَّهُ﴾، ﴿اللَّهُ﴾، وأول من الحق هاتين الألفين نصر بن عاصم الليثي، وقال عمرو: كان الحسن يقول: الفاسق عبيد الله بن زياد زاد فيهما ألفا، وقال يعقوب الحضرمي: أمر عبيد الله أن تزاد فيهما ألف، قال أبو عمر: هذه الأخبار عندنا لا تصح لضعف نقلتها واضطرابها، وخروجها عن العادة إذ غير جائز أن يقدم نصر، وعبيد الله هذا الإمام من الزيادة في المصاحف مع علمها بأن الأمة لا تسوغ لهما ذلك، بل تنكره، وترده، وتحذر منه ولا تعمل عليه، وإذا كان ذلك بطل إضافة زيادة هاتين الألفين إليهما، وصح أن إثباتهما من قبل عثمان، والجماعة ورضي الله عنهم على حسب ما نزل من عند الله تعالى، وما أقرأه رسول الله ﷺ واجتمعت المصاحف على الحرف الأول: ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ بغير ألف قبل اللام. ا. هـ. وعن هذا الأول احترز الناظم بقيد الأخيرين، ومراده بالهمز في قوله: "همزا اعتمد" همز الوصل.
_________
١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣٠.
٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٨٧.
٣ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٨٩.
1 / 464
الموضع الخامس: "وننزل الملائكة" في "الفرقان" ذكره في "المقنع" فقال: وفي "الفرقان" في مصاحف أهل مكة: ﴿وَنُنَزِّلُ المَلَائِكَةَ تَنْزِيلَا﴾ ١ بنونين، وفي سائر المصاحف ونزول بنون واحدة. ا. هـ، وقد احترز الناظم بقيد الأولى عن الكلمة الثانية في السورة وهي: ﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ﴾ ٢، وأما الذي نزل الفرقان فمبني للفاعل، والذي في بيت الناظم مبني للمفعول.
الموضع السادس: ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي﴾ في "النمل" ذكره في "المقنع"، فقال: وفي "النمل" في مصاحف أهل مكة: ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ ٣ بنونين، وفي سائر المصاحف بنون واحدة.
الموضع السابع والثامن: ﴿حَاذِرُونَ﴾، و﴿فَارِهِين﴾ ذكرهما في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار بالإثبات، والحذف فقال: وفيها أي في "الشعر" في بعض المصاحف: ﴿فَارِهِين﴾ بألف، وفي بعضها "فَرِهِين" بغير ألف، وكذلك ﴿حَاذِرُونَ﴾ و"حَذِرُونَ".
الموضع التاسع: "فتوكل على العزيز الرحيم" ذكره في "المقنع"، فقال: وفي "الشعراء" في مصاحف أهل المدينة والشام: "فتوكل على العزيز الرحيم"٤، وفي سائر المصاحف ﴿وَتَوَكَّلْ﴾ بالواو.
الموضع العاشر: ﴿قَالَ مُوسَى﴾، في "القصص" ذكره في "المقنع"، فقال: وفي "القصص" في مصاحف أهل مكة: ﴿قَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ﴾ ٥ بغير واو، وفي سائر المصاحف: ﴿وَقَالَ﴾ بالواو.
الموضع الحادي عشر: ﴿لُؤْلُؤًا﴾ في "فاطر" ذكره في "المقنع" في باب ذكر ما رسم بإثبات الألف على اللفظ، أو المعنى بما حاصله بعد التطويل أن المصاحف اختلفت في رسم الألف فيه بعد الواو، ولم تختلف في ثبوت الألف في الذي في "الحج".
الموضع الثاني عشر: ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ﴾ ٦ في "يس" ذكره في "المقنع"، فقال: وفي "يس" في مصاحف أهل الكوفة: ﴿وَمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بغيرها بعد التاء،
_________
١ سورة الفرقان: ٢٥/ ٢٥.
٢ سورة الفرقان: ٢٥/ ٣٢.
٣ سورة النمل: ٢٧/ ٢١.
٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٢١٧.
٥ سورة القصص: ٢٨/ ٣٧.
٦ سورة يس: ٣٦/ ٣٥.
1 / 465
وفي سائر المصاحف ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ﴾ بالهاء. ا. هـ. وقوله "نكبا" بتشديد الكاف مبنيا للنائب يقال: نكبه تنكيبا عدل عنه واعتزله، ومراده بتنكيب الهاء حذفها للكوفي، ثم استطرد الناظم موضعا واحدا اتفقت المصاحف على كيفية رسمه، واختلف القراء فيه وهو قوله تعالى في "الأحزاب": ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ ١ ذكره في "المقنع" في باب ما رسم بإثبات الألف على اللفظ، أو اللفظ أو المعنى فقال: وفي "الأحزاب": ﴿الظُّنُونَا﴾، و﴿الرَّسُولا﴾، و﴿السَّبِيلا﴾ ثلاثتهن بالألف، هذا هو الجزء الرابع من الإعلان:
ثم قال الناظم:
٣٥-
من صاد للختم فخلفه أتى ... في عبده تالي بكاف وبتا
٣٦-
كلمة الطول وتأمروني ... أعبده تالي بكاف وبتا
٣٧-
أشد منهم هاءه كافا قلب ... والكوف أو أن يظهر الهمز جلب
٣٨-
وسط مصيبة بما احذف فاء ... للمدني والشام ثم هاء
٣٩-
في تشتهي زاد وحسنا رسما ... في الكوف إحسانا فأحسن بهما
٤٠-
في خاشعا باقتربت قد اختلف ... وواو ذو العصف بشامي ألف
من هنا شرع الناظم في الرابع من: "الإعلان"، وأوله من سورة "ص" إلى الختم، وقد ذكر في هذا الرابع بقية مواضعه التي اختلفت فيها المصاحف، وجملتها سبعة عشر موضعا ذكر منها في هذه الأبيات عشرة مواضع:
الموضع الأول: ﴿عَبْدِهِ﴾ من قوله تعالى في سورة: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ ٢ ذكر في "المقنع" في باب ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار بالإثبات والحذف، فقال: وفي "الزمر" في بعض المصاحف: ﴿بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ بالألف، وفي بعضها ﴿عَبْدَهُ﴾ بغير الألف.
الموضع الثاني: لفظ ﴿كَلِمَةُ﴾ من قوله تعالى في سورة "الطور"، وكذلك حقت كلمات ربك ذكره في "المقنع" فقال: وفي "المؤمن" في بعض المصاحف
_________
١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٠.
٢ سورة الزمر: ٣٩/ ٣٦.
1 / 466
﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ ١، بالتاء، وفي بعضها: ﴿كَلِمَة﴾، بالهاء والباء من قول الناظم: "وبتا كلمة الطول" بمعنى "في".
الموضع الثالث: ﴿تَأْمُرُونِّي﴾، من قوله تعالى في "الزمر": ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ ٢ ذكره في "المقنع" فقال: وفي "الزمر" في مصاحف أهل الشام: "تَأْمُرُونِّني أَعْبُده" بنونين، وفي سائر المصاحف ﴿تَأْمُرُونِّي﴾ بنون واحدة. ا. هـ. وإنما أخر الناظم هذه عن "كَلِمَة" "الطول" لمناسبتها لما عقبه بها في الخلاف الخالي عن النسبة.
الموضع الرابع: ﴿مِنْهُمْ﴾ من قوله تعالى في سورة "المؤمن": ﴿كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ ٣ ذكره في "المقنع"، فقال: وفي "المؤمن" في مصاحف أهل الشام: "كانوا هم أشد منكم" بالكاف، وفي سائر المصاحف أشد ﴿مِنْهُمْ﴾ بالهاء، وقول الناظم "قلب" مبني للفاعل، وضميره يعود على "الشامي".
الموضع الخامس: ﴿أَوْ أَنْ يُظْهِرَ﴾ من قوله تعالى في سورة "غافر": ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ ٤ ذكره في "المقنع" فقال: وفيها أي في سورة "غافر" في مصاحف أهل الكوفة: ﴿أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ بزيادة ألف قبل الواو، وروى هارون عن صخر بن جويرية وبشار الناقط عن أسيد أن ذلك كذلك في الإمام مصحف عثمان ﵀، وفي سائر المصاحف: "وإن يظهر" بغير ألف. ا. هـ. وإنما ترك الناظم ذكر ما نسبه في "المقنع" لمصحف سيدنا عثمان تقليدا لصاحب العقيلة في تركه.
الموضع السادس: "بما" من قوله تعالى في "الشورى": ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ ٥ ذكره في "المقنع" فقال: وفي "الشورى" في مصاحف أهل المدينة والشام: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ بغير فاء قبل الباء، وفي سائر المصاحف: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ﴾ بزيادة فاء.
الموضع السابع: وفيها في سورة "الزخرف" في مصاحف أهل المدينة، والشام ﴿تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ﴾ ٦ بهاءين، ورأيت بعض شيوخنا يقول: إن ذلك كذلك في مصاحف أهل الكوفة وغلط، وقال أبو عبيد: وبهاءين رأيته في الإمام، وفي سائر
_________
١ سورة يونس: ١٠/ ٣٣.
٢ سورة الزمر: ٣٩/ ٦٤.
٣ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٤.
٤ سورة غافر: ٤٠/ ٢٦.
٥ سورة الشورى: ٤٢/ ٣٠.
٦ سورة الزخرف: ٤٥/ ٧١.
1 / 467
المصاحف ﴿تَشْتَهِي﴾ بهاء واحدة، وخرج بالترتيب: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ﴾ ١ في "فصلت"، وقوله "زاد" بألف بعد الدال هي ألف الاثنين تعود على المدني والشامي.
الموضع الثامن: ﴿حُسْنًا﴾ من قوله تعالى في "الأحقاف": ﴿وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ ٢، قال في "المقنع": وفي "الأحقاف" في مصاحف أهل الكوفة بوالديه إحسانا بزيادة ألف قبل الحاء وبعد السين، وفي سائر المصاحف: ﴿حُسْنًا﴾ بغير ألف. ا. هـ، وقول الناظم: "فأحسن بهما" تتميم للبيت وضمير "بهما" يعود على الوالدين.
الموضع التاسع: ﴿خَاشِعًا﴾ من قوله تعالى في سورة "القمر"، وهي "اقتربت" ﴿خُاشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ ٣ قال في "المقنع": وفي "اقتربت" في بعض المصاحف "خاشعا" بالألف، وفي بعضها خشعا بغير ألف.
الموضع العاشر: ﴿ذُو الْعَصْفِ﴾ في سورة "الرحمان" قال في "المقنع": وفي "الرحمان" جل وعز في مصاحف أهل الشام: ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾ ٤ بالألف والنصب، وفي سائر المصاحف بالواو والرفع. ا. هـ. وفي هذه الأبيات يشخص الناظم المواضع الباقية من الاختلاف:
ثم قال الناظم:
٤١-
وإثر شين المنشآت الألف ... وفي العراق الياء منها خلف
٤٢-
وياء ثاني ذي الجلال الشام رد ... واوا وضم النصب في كلا وعد
٤٣-
واحذف ضمير الفصل من هو الغني ... من مصحف الشامي كذاك المدني
٤٤-
وخلف قال إنما أدعوا ألف ... فثاني قواريرا ببصر مختلف
٤٥-
ولا يخاف عوض الواو بفا ... للمدني والشام والآن وفي
٤٦-
فالحمد لله على حسن الختام ... وللنبي أنهي صلاتي والسلام
ذكر في هذه الأبيات الباقي من المواضع السبعة عشر، وقد تقدم منها عشرة.
_________
١ سورة فصلت: ٤١/ ٣١.
٢ سورة الأحقاف: ٤٦/ ١٥.
٣ سورة القمر: ٥٤/ ٧.
٤ سورة الرحمان: ٥٥/ ١٢.
1 / 468