تنبیه الغافلین
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
ویرایشگر
يوسف علي بديوي
ناشر
دار ابن كثير
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
محل انتشار
دمشق - بيروت
عَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: " إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ: طُولَ الْأَمَلِ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى.
فَإِنَّ طُولَ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ، وَإِنَّ غَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ.
يَعْنِي أَكْثِرُوا مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، فَإِنَّكُمْ لا تَقْدِرُونَ غَدًا عَلَى الْعَمَلِ "
٣٠٩ - حَدَّثَنَا الثِّقَةُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: طَلَبْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ ﷺ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمْعَةَ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ ﷺ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمْعَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
سَمِعْتُهُ يَقُولُ ﷺ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَى مَعَالِمِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ، وَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ، بَيْنَ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِهِ، وَبَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ قَاضٍ فِيهِ، فَلْيَتَزَوَّدِ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ حَيَاتِهِ لِمَوْتِهِ، وَمِنْ شَبَابِهِ لِكِبَرِهِ، وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ، فَإِنَّ الدُّنْيَا خُلِقَتْ لَكُمْ وَأَنْتُمْ خُلِقْتُمْ لِلْآخِرَةِ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ، وَلَا بَعْدَ الدُّنْيَا دَارٌ إِلَّا الْجَنَّةَ أَوِ النَّارَ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ "
وَذُكِرَ عَنْ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ مَالَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَجَاءَتْ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ يَشْكُونَهُ وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَا يُمْسِكُ شَيْئًا، وَنَخْشَى عَلَيْهِ الْفَقْرَ.
فَأَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: سَهِّلْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اشْتَرَى ضَيْعَةً بِرُسْتَاقَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا، أَيُخَلِّفُ بِالْمَدِينَةِ شَيْئًا وَهُوَ يَسْكُنُ الرُّسْتَاقَ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خَصْمُكُمْ.
يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى الرُّسْتَاقِ لَا يَتْرُكُ فِي الْمَدِينَةِ شَيْئًا، فَالَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ كَيْفَ يَتْرُكُ فِي الدُّنْيَا شَيْئًا؟
1 / 238