148

تنبیه الغافلین

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

پژوهشگر

يوسف علي بديوي

ناشر

دار ابن كثير

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

محل انتشار

دمشق - بيروت

حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى صَارَ كَافِرًا نَعُوذُ بِاللَّهِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي هُوَ نِفَاقٌ، فَهُوَ أَنْ يَغْتَابَ إِنْسَانًا فَلَا يُسَمِّيهِ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْهُ فُلَانًا، فَهُوَ يَغْتَابُهُ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُتَورِّعٌ، فَهَذَا هُوَ لِلنِّفَاقِ. وَأَمَّا الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ، فَهُوَ أَنْ يَغْتَابَ إِنْسَانًا وَيُسَمِّيَهُ وَيَعْلَمَ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ فَهُوَ عَاصٍ، وَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَغْتَابَ فَاسِقًا مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ أَوْ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَهُوَ مَأْجُورٌ، لِأَنَّهُمْ يَحْذَرُونَ مِنْهُ إِذَا عَرَفُوا حَالَهُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «اذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ لِكَيْ يَحْذَرَهُ النَّاسُ» سَمِعْتُ أَبِي يَحْكِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مُرْسَلِينَ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بَعْضَهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ فِي الْمَنَامِ وَبَعْضَهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَرَوْنَ شَيْئًا، وَكَانَ نَبِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ يَرَى فِي الْمَنَامِ، رَأَى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَنَامِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا أَصْبَحْتَ فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَسْتَقْبِلُكَ فَكُلَهُ، وَالثَّانِي اكْتُمْهُ، وَالثَّالِثُ اقْبَلْهُ، وَالرَّابِعُ لَا تُؤَيِّسْهُ، وَالْخَامِسُ اهْرِبْ مِنْهُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَوَّلُ شَيْءٍ اسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ أَسْوَدُ عَظِيمٌ، فَوَقَفَ وَتَحَيَّرَ وَقَالَ: أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ آكُلَهُ! أَآكُلُ هَذَا؟ ! ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: إِنَّ رَبِّي لَا يَأْمُرُنِي بِمَا لَا أُطِيقُ. فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى أَكْلِهِ وَمَشَى إِلَيْهِ لِيَأْكُلَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ صَغُرَ ذَلِكَ الْجَبَلُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ وَجَدَهُ لُقْمَةً أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فَأَكَلَهُ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى. وَمَضَى فَاسْتَقْبَلَهُ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَالَ: أُمِرْتُ بِأَنْ أَكْتُمَهُ فَحَفَرَ بِئْرًا فِي الْأَرْضِ وَدَفَنَهُ فِيهَا وَمَضَى. وَالْتَفَتَ فَإِذَا الطَّسْتُ فَوْقَ الْأَرْضِ، فَرَجَعَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَهُوَ يَدْفِنُهُ فِيهَا. وَمَضَى فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. قَالَ: إِنِّي فَعَلْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ. فَذَهَبَ. فَاسْتَقْبَلَهُ طَائِرٌ خَلْفَهُ بَازِيٌّ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَغِثْنِي. فَقَبِلَهُ وَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ، فَجَاءَ الْبَازِيُّ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جَائعًا. وَإِنِّي كُنْتُ فِي طَلَبِ هَذَا الصَّيْدِ مُنْذُ الْغَدَاةِ، حَتَّى أَرَدْتُ أَخْذَهُ فَلَا يُؤَيِّسْنِي مِنْ رِزْقِي. فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: إِنِّي قَدُ أُمِرْتُ أَنْ أَقْبَلَ الثَّالِثَ وَقَدْ قَبِلْتُهُ. وَقَدْ أُمِرْتُ أَنْ لَا أُؤَيِّسَ الرَّابِعَ، وَالرَّابِعُ هَذَا الْبَازِيُّ فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَلَمَّا تَحَيَّرَ فِي ذَلِكَ أَخَذَ السِّكِّينَ وَقَطَعَ مِنْ فَخْذِ

1 / 168