108

تنبیه الغافلین

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

پژوهشگر

يوسف علي بديوي

ناشر

دار ابن كثير

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

محل انتشار

دمشق - بيروت

لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ.
يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يَعْرِفَ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ فِي حَيَاتِهِمَا، وَيَعْرِفَ حَقَّهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا، فَيَدْعُوَ لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ عَلَى أَثَرِ كُلِّ صَلَاةٍ.
وَيُقَالُ ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا﴾ [الإسراء: ٢٤] يَعْنِي يَدْعُو لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا وَبَعْدَ مَوْتِهِمَا.
كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.
كَمَا قَامَا عَلَيَّ فِي حَالِ صِغَرِي حَتَّى كَبِرْتُ.
فَاجْزِهِمَا عَنِّي بِالْمَغْفِرَةِ لَهُمَا.
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ﵃ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ دَعَا لِأَبَوَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَقَدْ أَدَّى حَقَّهُمَا.
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤]، فَشُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ.
وَكَذَلِكَ شُكْرُ الْوَالِدَيْنِ، أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ﴾ [الإسراء: ٢٥] .
يَعْنِي عَالِمٌ بِمَا فِي قُلُوبِكُمْ مِنَ اللِّينِ وَالْبِرِّ لِلْأَبَوَيْنِ.
﴿إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ﴾ [الإسراء: ٢٥] .
يَعْنِي إِنْ تَكُونُوا بَارِّينَ بِالْوَالِدَيْنِ فَتَسْتَوْجِبُوا عَلَى اللَّهِ بذَلِكَ الْأَجْرَ، ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: ٢٥] .
يَعْنِي إِنْ تَرَكْتُمْ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ فَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ يَعْنِي الرَّاجِعِينَ عَنِ الذُّنُوبِ غَفُورًا.
وَيُقَالُ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى الْوَلَدِ، عَشَرَةُ حُقُوقٍ: أَحَدُهُمْ أَنَّهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى الطَّعَامِ أَطْعَمَهُ.
وَالثَّانِي إِذَا احْتَاجَ إِلَى الكُسْوَةِ كَسَاهُ إِنْ قَدِرَ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥]، فَقَالَ: «الْمُصَاحَبَةُ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يُطِيعَهُمَا إِذَا جَاعَا وَيَكْسُوهُمَا إِذَا عَرِيَا» .
وَالثَّالِثُ إِذَا احْتَاجَ أَحَدُهُمَا إِلَى خِدْمَتِهِ خَدَمَهُ.
وَالرَّابِعُ إِذَا دَعَاهُ أَجَابَهُ وَحَضَرَهُ.
وَالْخَامِسُ إِذَا أَمَرَهُ بِأَمْرٍ أَطَاعَهُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْصِيَةِ وَالْغَيْبَةِ.
وَالسَّادِسُ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ بِاللِّينِ وَلَا يَتَكَلَّمَ مَعَهُ بِالْكَلَامِ الْغَلِيظِ.
وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَدْعُوهُ بِاسْمِهِ، وَالثَّامِنُ أَنْ يَمْشِي خَلْفَهُ.
وَالتَّاسِعُ أَنْ يَرْضَى لَهُ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ.
وَالْعَاشِرُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ كُلَّمَا يَدْعُو لِنَفْسِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ ﵊: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي

1 / 128