تنبیه بر اوهام
كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه
پژوهشگر
دار الكتب والوثائق القومية - مركز تحقيق التراث
ناشر
مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة
شماره نسخه
الثانية ٢٠٠٠
* * * وفي " ص ٢٦٦ س ١٨ " وأنشد أبو علي عن ابن الأنباري عن أحمد بن يحيى للفرزدق ﵏:
يُفَلِّقْنَ ها مَنْ لم تَنَلْهُ سُيُوفُنَا ... بأَسْيافنا هَامَ المُلوكِ القَمَاقِمِ
قال أبو العباس ﵀: ها: تنبيه، والتقدير: يفلقن بأسيافنا هام الملوك القماقم، ثم قال: ها للتنبيه، ثم استفهم فقال مستفهمًا: من لم تنله سيوفنا؟ قال أبو بكر: سمعت شيخا منذ حين يعيب هذا الجواب ويقول: يُفلقن هامًا جمع هامة. وهام الملوك مردود على هامًا؛ كما قال جلّ ثناؤه: (إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللهِ) . قال أبو علي ﵀: فاحتججت عليه بقوله: لم تنله وقلت: لو أراد الهام لقال لم تنلها، لأن الهام مؤنثة لم يؤثر عن العرب فيها تذكير، ولم يقل أحد منهم: الهام فلقته؛ كما قالوا: النخل قطعته، والتذكير والتأنيث لا يعمل فيه قياسًا إنما يُبنى على السَّماع واتَّباع الأثر. ولم يُوفق أبو علي ﵀ في هذا الاحتجاج لأنه أنكر المعروف وعرَّف المنكر. كيف ينكر تذكير الهام! وهو يروى في شعر النابغة ويروِّى:
بِضَرْبٍ يُزيلُ الهَامَ عن سَكَنَاتِهِ ... وطَعْنٍ كإيزَاغِ المَخاضِ الضَّوَارِبِ
وهو يروي في شعر عنترة ويروِّي:
والهامُ يَنْدُرُ في الصَّعِيد كأنَما ... تَلْقَى السُّيُوفُ به رُءوسَ الحَنْظَل
ويروى أيضا في شعر طفيل ويروى:
بِضرْبٍ يُزيلُ الهامَ عَنْ سَكناته ... ويَنْقَعُ من هَامِ الرِّجالِ بِمَشْرَبِ
فالتذكير هو المعروف في الهام، ولو أنكر أبو علي ﵀ على هذا الشيخ فساد المعنى دون اللفظ كان أولى، لأن قوله: " يُفلقن هامًا لم تنله سيوفنا " ثم قال بأسيافنا، تناقض. فإن قال: إنه يريد لم تنله ثم نالته، فهذا من العيِّ الذي سمعت به؛ أو يشكُّ أحدٌ في أن ما نيل اليوم لم يكن أمس قتيلًا؟ وهذا الشعر يقوله الفرزدق في قتل وكيعٍ قتيبة بن مسلم. وقبل البيت:
1 / 85