تنبیه بر اوهام
كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه
پژوهشگر
دار الكتب والوثائق القومية - مركز تحقيق التراث
ناشر
مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة
شماره نسخه
الثانية ٢٠٠٠
إذ ليس هناك من يطردها لبُعد الحادي عنها، فكأنها قد أهدت إلى الغربان العراضة، وهي الهدية على ما ذكره أبو علي ﵀ قد زاد في تخصيصها بعض اللغويين فقال: العراضة: هدية القادم خاصة. والحذيا: هدية المبشر خاصة؛ وأنشد أبو العباس ﵀ في هذا المعنى:
قَد قُلتُ قولا للغراب إذ حَجَلْ ... عليك بالقُودِ المسَانِيفِ الأُوَلْ
تَغّذ ما شئتَ على غير عَجَلْ ... التمر في البئر وفي ظَهر الجَملْ
قال أبو العباس: سألت ابن الأعرابي - رحمهما الله - أي شيء يقول؟ قال: يقول: يا غراب، إن أفنيت ما عليها من التمر، فإن الماء إذا استقى من البئر على ظهر الجمل خرج الرُّطب وجاء التمر.
* * * في " ص ١٢٤ س ١٤ " وأنشد أبو علي ﵀:
رَفَعْنا الخُمُوش عن وُجُوه نسائِنا ... إلى نِسْوةٍ منهم فأبْدَيْنَ مِجْلَدَا
وقال: قال أحمد بن يحيى ﵀: هذا رجل قتل من قومه قتلى فكان نساؤه يخمشن وجوههن عليهم، فأصابوا بعد ذلك منهم قتلى، فصار نساء الآخرين يخمشن وجوههن عليهم. يقول: لما قتلنا منهم قتلى بعد القتلى الذين قتلوا منا حوَّلنا الخموش عن وجوه نسائنا إلى وجوه نسائهم. قال: وهذا مثل قول عمرو بن معد يكرب:
عَجَّتْ نساءُ بني زُبَيُدٍ عَجَّةً ... كَعجِيجِ نِسْوَتِنا غَداةَ الأرْنَب
قال: العجة: الصوت. والأرنب: موضع. انتهى ما ذكره أبو علي ﵀.
البيت الذي أنشد لعمرو بن معد يكرب مغيَّر لا يصحّ، لأن عمرًا زبيدي من بني زبيد بن الصعب بن سعد بن مذحج، فكيف يقول: عجَّت نساء بني زبيد عجَّة كعجيج نسوتنا. ونساء بني زبيد هنَّ نساؤه؛ وإنما هو: عجَّت نساءُ بني زياد. وبنو زياد: بطنٌ من بلحارث ابن كعب.
وكان من خبر هذا الشعر أن جرما ونهدًا كانتا في بني الحارث مجاورتين، فقتلت جرم رجلا من أشراف بني الحارث يقال له: معاذ بن يزيد، فارتحلوا فتحوالوا في بني زبيد رهط عمرو، فخرجت
1 / 48