تمهید تاريخ فلسفه اسلامی
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
ژانرها
وفي كتاب «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276ه/889-890م بصدد الطعن على المختلفين في أصول الدين: «قال أبو محمد: ولو كان اختلافهم في الفروع والسنن لاتسع العذر عندنا، وإن كان لا عذر لهم مع ما يدعونه لأنفسهم، كما اتسع لأهل الفقه، ووقعت لهم الأسوة بهم، ولكن اختلافهم في التوحيد وفي صفات الله - تعالى - وفي قدرته. وفي نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار، وعذاب البرزخ، وفي اللوح. وفي غير ذلك من الأمور التي لا يعلمها نبي إلا بوحي من الله تعالى.»
61
ويقول ابن قتيبة نفسه في كتاب «الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة»: «وكان المتناظرون فيما مضى يتناظرون في معادلة الصبر بالشكر. وفي تفضيل أحدهما على الآخر. وفي الوساوس والخطرات، ومجاهدة النفس وقمع الهوى ، فقد صار المتناظرون يتناظرون في الاستطاعة والتولد والطفرة والجزء والعرض والجوهر، فهم دائبون يخبطون في العشوات، وقد تشعبت بهم الطرق، وقادهم الهوى بزمام الردى.»
62
وجاء في كتاب «إعلام الموقعين عن رب العالمين»: «وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام، وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا، ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلا، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلا، ولم يبدو لشيء منها إبطالا، ولا ضربوا لها أمثالا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمرا واحدا، وأجروها على سنن واحد، ولم يعملوا كما فعل أهل الأهواء والبدع، حيث جعلوها عضين وأقروا ببعضها، وأنكروا بعضها، من غير فرقان مبين، مع أن اللازم لهم فيما أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه.»
63
فالمسلمون في الصدر الأول كانوا يرون أن لا سبيل لتقرير العقائد إلا الوحي، أما العقل؛ فمعزول عن الشرع وأنظاره كما يقول ابن خلدون في المقدمة. وفي كتاب «النبوات» لابن تيمية: «فصل: قد ذكرنا في غير موضع أن أصول الدين الذي بعث الله به رسوله محمدا
صلى الله عليه وسلم ، قد بينها الله في القرآن أحسن بيان.»
64
وكانوا يرون أن التناظر والتجادل في الاعتقاد يؤدي إلى الانسلاخ من الدين، من أجل ذلك كان المسلمون عند وفاة النبي
صفحه نامشخص