وَفصل الْخطاب فِي هَذَا الْبَاب بِأَن الصُّحْبَة إِذا أطلقت فَهِيَ فِي الْمُتَعَارف تَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ
أَحدهمَا أَن يكون الصاحب معاشرا مخالطا كثير الصُّحْبَة فَيُقَال هَذَا صَاحب فلَان كَمَا يُقَال خادمه لمن تَكَرَّرت خدمته لَا لمن خدمه يَوْمًا أَو سَاعَة
وَالثَّانِي أَن يكون صاحبا فِي مجالسة أَو مماشاة وَلَو سَاعَة فحقيقة الصُّحْبَة مَوْجُودَة فِي حَقه وَإِن لم يشْتَهر بهَا
فسعيد بن الْمسيب إِنَّمَا عَنى الْقسم الأول وَغَيره يُرِيد هَذَا الْقسم الثَّانِي وَعُمُوم الْعلمَاء على خلاف قَول ابْن الْمسيب فَإِنَّهُم عدوا جرير بن عبد الله من الصَّحَابَة وَإِنَّمَا أسلم فِي سنة عشر وعدوا فِي الصَّحَابَة من لم يغز مَعَه وَمن توفّي رَسُول الله ﷺ وَهُوَ صَغِير السن فَأَما من رَآهُ وَلم يجالسه وَلم يماشه فألحقوه بالصحابة إِلْحَاقًا وَإِن كَانَت حَقِيقَة الصُّحْبَة لم تُوجد فِي حَقه
فصل فِي مَرَاتِب الصَّحَابَة
الْمُهَاجِرُونَ فِي الْجُمْلَة أفضل من الْأَنْصَار وهم الَّذين هجروا أوطانهم وَخَرجُوا إِلَى رَسُول الله ﷺ وهم ينقسمون فَمنهمْ الْمُهَاجِرُونَ الْأَولونَ وَاخْتلف فيهم
فروى عَن أبي مُوسَى وَسَعِيد بن الْمسيب قَالَا من صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ فَهُوَ من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين
وروى عَن الشّعبِيّ وَابْن سِيرِين أَنَّهُمَا قَالَا الْمُهَاجِرُونَ الْأَولونَ من أدْرك بيعَة الرضْوَان ثمَّ الصَّحَابَة على سوابقهم وأعمالهم وَرب مُتَأَخّر الْإِسْلَام سبق مُتَقَدما كعمر ﵁ وَرب غَائِب عَن بدر وبيعة الرضْوَان سبق أَكثر أَهلهَا كعثمان وَالسَّبَب الَّذِي انْقَطَعت بِهِ الْهِجْرَة فتح مَكَّة قَالَ النَّبِي ﷺ لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح
فصل فِي عدد الصَّحَابَة
اعْلَم أَن أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ فيهم كَثْرَة تبعد الْإِحَاطَة بعددهم فقد روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ خرج رَسُول الله ﷺ لعشر مضين من رَمَضَان فصَام وَصَامَ النَّاس مَعَه حَتَّى إِذا كَانُوا بالكديد أفطر ثمَّ مضى فِي عشرَة آلَاف من الْمُسلمين حَتَّى نزل مر الظهْرَان
1 / 72