بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ أبو سهل سعيد بن عبد العزيز النيلي رحمه الله: إن الذي دعاني إلى تلخيص تفسير جالينوس لفصول أبقراط مع قصور الوسع والإقرار عن الإتيان بمثل ذلك من النظم في الحسن والبيان مما رأيت من تكاسل الأصحاب عن النظر في الكتب * الطويلة (1) وقصورهم وميلهم إلى المختصرات القصار لسرعة ملالهم وفتورهم تقديرا منهم بأن السادي إذا حظي بما حضرته الكتب الموجزة، أغنته عن مشارفة البساط وكانت له فيها مندوحة عنها. ولعمري، إن تلخيص المبسوط وحصره بالفصول الموجزة أعظم الأشياء عونا على الحفظ ومن تسرعه المطالعة عند طريان النسيان. ولذلك قال بعض الأوائل: قلل للحفظ وكثر للدرس. وهو الذي دعا الفاضل أبقراط إلى وضع الكتاب على طريق الفصول. لكن قراء البسائط هي التي تهجم بالمرء على حقائق المعاني ويفضي به إلى الوقوف عليها ويمكنه من جودة التصرف فيها. ولذلك دأب جالينوس وتعب في المعاني الطبية وأطال شرح القول فيها. ولكل منهما فيما نحا نحوه غرض محمود وسعى. وقد استخرت الله تعالى في تلخيص هذا التفسير والاقتصار على ذكر النكت متخذا به الغرائم الحالة الفاترة ومتفقا به الهمم العاثرة وزائدا بالإيجاز والاختصار تحريضا وتحريصا من السنة * من (2) الإطالة تثبيطا وتنكيصا.
المقالة الأولى
1
[aphorism]
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر. وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على التوخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء * التي (3) من خارج.
[commentary]
تلخيصه: قال إنما صار العمر قصيرا بالإضتافة إلى طول الصناعة. وصارت الصناعة طويلة لأن الوقت الذي يفعل فيه كل واحد من حل أفعالها الجزئية بعسر ضيق. فيحتاج المعني بهذه الصناعة إلى مطالعة علوم كثيرة. وإنما صار الوقت ضيقا لأن القصير الذي يستعمل فيه هذه الصناعة يسال بتحلل سهل التغير من ذاته ومن خارج. وأما الخطر في التجربة، فلشرف هذه العنصر. والخطأ فيها لأن التجربة PageVW0P002A قد يخطئ مرارا. وإنما صار القضاء عسرا لأنه إن أريد به القياس، فصعوبته ظاهرة. ولذلك بقي الاختلاف فيه على مر الأيام. وإن أريد به الحكم على الأشياء التي تمتحن بالتجربة، * فظاهر (4) العسر لأن الحكم على منفعة أو مضرة حدثت عقيب أنواع من العلاج أنها بسبب واحد من أنواع العلاج خاص ليس بالسهل. وإذا كان أمر هذه الصناعة على هذه الصورة، فبالحري أن توضع الكتب على طريق الفصول لمن أراد تعلم صناعة طويلة في عمر قصير. ولهذا صدر الكتاب بهذا الفصل. وقيل إنه أراد امتحان همة التعلم. والأول أجود. ومن قال إنه أراد بهذا تصدير الغبية عن هذا العلم أو بيان أن هذا العلم حدس أو تخمين، فغير لائق بهذه الحالة. وينبغي للطبيب مع ما ذكرنا أن لا يقتصر على صواب تدبيره دون أن يكون المريض مطواعا وخدمه. وما يحتاج إليه هنا على ما يصلح للمريض ليحصل الغرض المطلوب بهذه الصناعة.
2
[aphorism]
قال أبقراط: إن كان ما يفرغ من البدن عند استطلاق البطن والقيء اللذين يكونان طوعا من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن، نفع ذلك وسهل احتماله. وإن لم يكن كذلك، * كان الأمر (5) على الضد، وكذلك خلاء العروق، فإنها وإن خلت من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه، نفع ذلك وسهل احتماله. وإن لم يكن كذلك، كان الأمر على الضد. وينبغي أيضا أن ينظر في الوقت الحاضر من أوقات السنة وفي البلد وفي السن والأمراض هل توجب استفراغ ما قد هممت باستفراغه أم لا.
[commentary]
تلخيصه: قال يستدل على نوع الخلط المؤذي بإحساس العليل عقيب استفراغه بالواخة والخفة، وبالنظر في الوقت والبلد وسن المريض وطبيعة المريض متى كان الكيموس غائرا و يكون البدن متى كان الكيموس غير غائر. فمتى استفرغت الطبيعة خلطا مؤذيا، فخليق أن يغتذي الطبيب بها، إذا هم بالاستفراغ.
3
[aphorism]
قال أبقراط: خصب البدن المفرط لأصحاب الرياضة خطر إذا كانوا قد * بلغوا (6) منه الغاية القصوى. وذلك انه لا يمكن أن * يزدادوا (7) صلاحا، وبقي أن يميل إلى حال أردأ. فلذلك ينبغي أن ينقض خصب البدن تأخيرا كيما يعود البدن فيبتدئ في قبول الغذاء. PageVW0P002B ولا يبلغ من استفراغه الغاية القصوى. فإن ذلك خطر، لكن بمقدار احتمال طبيعة البدن الذي يقصد إلى استفراغه. وكذلك كل استفراغ يبلغ فيه الغاية القصوى، فهو خطر. وكل تغذية في الغاية القصوى خطر.
[commentary]
تلخيصه: الغرض من هذا الفصل بيان عظم الخطر في الامتلاء المفرط والاستفراغ المفرط والتغذية المفرطة لأن كل إفراط غذو للطبيعة ومتى لم ينقض هذا الامتلاء الذي وصفه، لم يؤمن انصداع عرق أو موت فجأة بانطفاء الحرارة إذا لم يبق في العروق متسع لقبول الغذاء. وإذا كان أصحاب الصراع الذين هم ذو قوة وعظم حثة وامتلاء مفرط يستفرغون ثم لا يبلغ في استفراغهم الغاية القصوى بمرة، فخليق أن لا يبلغ في استفراغه من دونهم من المكدودين في الرياضات الشاقة، إذ لا تميل أبدانهم امتلائهم امتلاء من ذكرنا. وفي الجملة، ينبغي أن ينحا في الاستفراغ نحو القوة. فإن ضعفت وفي البدن فضل، لم يستفرغ حتى تقوى القوة.
4
[aphorism]
قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة عسر مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة. والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من * اللطافة (8) في الأمراض الحادة إذا ما لم يحتمله عسير مذموم.
[commentary]
تلخيصه: التدبير اللطيف في الأمراض المزمنة مذموم لكل حال، وكذلك في الحادة إذا لم يحتمله المريض. وذلك لأن القوة تنقص مع التدبير اللطيف كما يبقى مع المعتدل ويزيد مع الغليظ. ولذلك لا يدبر الأصحاء بالتدبير اللطيف البتة، لكن بالمعتدل إذا أرادوا حفظ قوتهم في الأمراض المزمنة وباللطيف في الحادة، لأن الزيادة فيه زيادة في المرض والتدبير اللطيف في الغاية القصوى ترك الغذاء البتة. وذلك فيمن لا يجاوز * بحرانه (9) الرابع وماء العسل فيمن لا يجاوز السابع، وهو تدبير لطيف في الغاية لكن ليس في أقصاها. ودونه ماء كشك الشعير ،ودونه الكشك.
5
[aphorism]
قال أبقراط: في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم. وذلك أن جميع ما يكون منه أعظم مما يكون في الغذاء الذي له غلظ يسير. ومن قبل هذا، صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا.
[commentary]
تلخيصه: إنما كان كذلك لأن القوة بضعف عن التدبير PageVW0P003A اللطيف. وملاك الأمر حفظ القوة لأن العادة لم تجز به للأصحاء. ولذلك صار ذلك في الأصحاء خطرا.
6
[aphorism]
قال أبقراط: أجود التدبير في الأمراض التي في الغاية القصوى التدبير في الغاية القصوى.
[commentary]
تلخيصه: عنى به الأمراض الحادة جدا، وهي التيتنقص في الرابع. فتبين أنها تحتاج إلى التدبير اللطيف جدا.
7
[aphorism]
قال أبقراط:إذا كان المرض حادا جدا، فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بديا، ويجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة. وإذا لم يكن كذلك لكن كان يحتمل من التدبير ما هو أغلظ من ذلك، فينبغي أن يكون * الانحطاط (10) على حسب لين المرض ونقصانه عن الغاية القصوى. وإذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة.
[commentary]
تلخيصه: لأن مثل هذه الأمراض منتهاه في الأيام الأول. وتلطيف الغذاء في المنتهى واجب ليستفرغ الطبيعة لمقاومة العلة. ولا نعني بإنضاج الغذاء. وأول العلة قد يطلق على المبدأ الذي لا جزء له، وقد يطلق على المبدأ الذي الثلاثة الأيام الأول، وقد يطلق على المرض ما دام لم يظهر من إعلام النضج شيء.
8
[aphorism]
قال أبقراط: إذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل التدبير الذي هو الغاية القصوى.
[commentary]
وقد مر تلخيصه.
9
[aphorism]
قال أبقراط: فينبغي أن تزن قوة المرض، فتعلم هل يثبت إلى وقت منتهى المرض أو يجور قبل أن تسكن عاديته.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن الغذاء يحتاج إليه اشفاقا على القوة لا دفعا للمرض. فيستعمل بحسب ما * تقتضيه (11) الحاجة. ولهذا يضطر أحيانا إلى أن يغذى العليل في المنتهى لعارض تحل قوته.
10
[aphorism]
قال أبقراط: والذين يأتي منتهى مرضهم بديا، فينبغي أن يدبروا بالتدبير اللطيف بديا. والذين يتأخر * منتهى (12) مرضهم، فينبغي أن يجعل تدبيرهم في ابتداء مرضهم أغلظ ثم ينقص من غلظه قليلا قليلا كلما قرب منتهى المرض وفي وقت منتهاه بمقدار ما تبقى قوة المريض عليه. وينبغي أن يمنع الغذاء في وقت منتهى المرض فإن الزيادة PageVW0P003B فيه مضره.
[commentary]
وقد مر تفسيره.
11
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان للحمى أدوار، فامنع من الغذاء في وقت نوائبها. فإن الزيادة فيه مضرة.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن الثلاثة تتضاعف على المريض لكن بغذاء عند الانحطاط وسكون النوبة.
12
[aphorism]
قال أبقراط: إنه يدل على نوائب المرض ومرتبته الأمراض أنفسها وأوقات السنة وتزيد * الأدوار (13) بعضها على بعض نائبه كانت في كل يوم أو يوما ويوما لا أو في أكثر من ذلك من الزمان والأشياء التي تظهر من بعد. ومثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب. فإنه إن ظهر النفث بديا منذ أول المرض، كان قصيرا. وإن * تأخر (14) ظهوره كان طويلا. والبول والبراز والعرق إذا ظهرت بعد، تدلنا على * جودة (15) بحران المرض ورداءته وطول المرض وقصره.
[commentary]
تلخيصه: أنه يدل على كونه المرض ومقدار مدته أشياء منها نفس المرض كالسرسام وذات الجنب يدل على الحدة والقصر وأن حمياته تنوب في الغالب غبا ومالسل والاستسقاء يدل على طول المدة وحمياتها نائبة في الأكثر. ومنها وقت السنة ومزاج المريض والبلد والسنين والصناعة. فإن الحميات الصيفية والشتوية العارضة العارضة للإنسان القضفاء المكدودين في البلدان الحارة قصيرة، وينوب غبا في الأكثر. ومنها للمشايخ المرفهين في البلدان الباردة طويلة ينوب كل يوم في الأكثر. ومنها سرعة تزيد الأدوار في الامتداد والاشتداد والتقدم تدل على قصر المرض وقرب المنتهى وبالضد. ومنها الأشياء التي تظهر من بعد. وهي إما أعلام النضج، وهي متى ظهرت سرعة، دلت على السلامة ووشك الانقضاء. وهذه الأعلام لا تقترن بأول المرض كما تقترن االأعلام المقومة للمرض بأوله، لكن يظهر من بعد. وإما أعلام المتفرقة عدم النضج، فيدل على طول المرض بذاتها وتدل على الموت إذا اقترن ضعف القوة بها. وقد يقترن بأول المرض وقد يظهر من بعد. وإما أعلام البحران، وهي إذا ظهرت بعد النضج، فدليل خير. وإذا ظهرت قبل النضج، فدليل شر. ومتى ظهرت ولم يكن بحران، دل على سوء.
13
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P004A المشايخ أحمل الناس * للصوم (16) ، ومن بعدهم الكهول. والفتيان أقل احتمالا. وأقل الناس احتمالا للصوم الصبيان. ومن كان من الصبيان أقوى شهوة، فهو أقل احتمالا له.
[commentary]
تلخيصه: المشايخ الذين لم يبلغوا الغاية القصوى في الشيخوخة أحمل الناس للإقلال من الطعام من غيره مضرة. فإن الذين بلغوا الغاية القصوى لا يسرون على الامتساك عن الطعام ويغذون باليسير في مرات كثيرة. وشبهه الحكم بالسراج الذي قارب الانطفاء. فينبغي أن يمد باليسير من الدهن متتابعا. فأما الصبيان، فهم بالضد من المشايخ. والكهول متوسطون. والسبب فيه وفور الحرارة الغريزة فيهم وقلتها في المشايخ.
14
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأبدان في النشوء، فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون عليه من الكثرة. ويحتاج من الوقود إلى أكثر مما يحتاج إليه سائر الأبدان. فإن لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء إلا إلى اليسير لأن حرارتهم تطفئ من الكثير. ومن قبل هذا أيضا ليس تكون الحمى في المشايخ حادة كما تكون في اللذين في النشوء.
[commentary]
تلخيصه: جوهر الحار الغريزي جوهر هوائي مائي غير لذاع. وهو في الصبيان على أكثر ما يكون. فأما الجوهر الذي تكون حرارته مؤذية لذاعة نارية، فهو فيمن تناهى شبابه على أكثر ما يكون. وما يتحلل من الأبدان التي الرطوبة والهوائية عليها أعلف أكثر مما يتحلل من سائر الأبدان. يدل على ذلك تعريض الماء والحجر الشمس الحارة. فلذلك احتاج إلى الغذاء أكثر مما يحتاج إليه غيرهم من الأنسان، فإن الحاجة إلى الغذاء بحسب التحلل.
15
[aphorism]
قال أبقراط: الأجواف في الربيع والشتاء أسخن ما يكون بالطبع والنوم أطول ما يكون. فينبغي في هذين الوقتين أن يكون ما يتناول من الغذاء أكثر. وذلك أن الحار الغريزي في الأبدان في هذين الوقتين كثير، ولذلك يحتاج إلى غذاء كثير. والدليل على ذلك أمر الأسنان والصريعين.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن الحرارة الغريزية في باطن البدن عند برودة الهوى فيقوى الاستمراء وولد الدم والاغتذاء ويكثر التحلل PageVW0P004B الخفي الذي هو من فعل الحرارة الغريزية. فأما حرارة صيف فإنها وإن كانت تحلل من البدن الكثير، فإنها تحلل مع ذلك الأشياء الطبيعية وتذيب الدم وتحدث فيه شبه الغليان. فلهذا لم تقو في هذا الفصل الشهوة ولا الهضم. وليس هذا بمطرد في جميع الحيوان، لكن فيمن كان أسخن مزاجا وأكثر دما، فيعرض لهولاء من برودة * الهواء (17) ما يعرض للأبدان القوية من الاستحمام بالماء البارد. فأما الضعفاء، فيزدادون بالاستحمام بالماء البارد * والهواء (18) البارد وضعفا وكثير منها تموت كالحشوان.
16
[aphorism]
قال أبقراط: الأغذية الرطبة توافق جميع المحمومين لا سيما الصبيان ومن قد اعتاد أن يغتذي بالأغذية الرطة.
[commentary]
تلخيصه: وهذا لأن الحمى مرض حار يابس، فاستعمال الغذاء الرطب فيه موافق، لا سيما في الصبيان. فإن أمزجتهم رطبة وخفة المزاج الأصلي بالمشاكل واجب. فالرطوبة تضاد نفس الحمى وتتشاكل الرطوبة الأصلية.
17
[aphorism]
قال أبقراط: وينبغي أن يعطى بعض المرضى غذاءهم في مرة واحدة وبعضهم في مرتين ويجعل ما يعطونه شيء كثير أو أقل وبعضهم قليلا قليلا. وينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة حظه من هذا والعادة والسن.
[commentary]
تلخيصه: تقدم الكلام في كمية الغذاء في كيفيته وهو * ذا (19) بنين طريقة استعمال الغذاء ويأخذ الاستدلال عليه من المرض وقوة المريض ثم من الوقت والعادة والسنين. فمتى كانت قوة المريض * ضعيفة (20) وحال بدنه حال * فساد (21) أو نقصان، أطعمنا المريض قليلا مرارا كثيرة. أما القليل، فلأجل أن القوة لا تقوى على الكثير. وأما مرارا كثيرة، فللحاجة إلى الزيادة وتعديل الفساد. وكذلك يفعل في الصيف لأنا نحتاج إلى الزيادة متتابعة لأجل كثرة التحلل والقوة ضعيفة. وإن كانت القوة ضغيفة ولا فساد ولا نقصان في البدن * غذونا (22) قليلا لأجل ضعف القوة * ومراد (23) قليل العدم النقصان والفساد. وهذا يعرض التدبير أولى بالاستعمال أيضا إذا كانت القوة قوية PageVW0P005A والكيموسات كثيرة. وهكذا تدبير البدن في وقت الربيع لأن في هذا الوقت يذوب الكيموسات التي جمدت في الشتاء فتشاكل هذا الحال حال الامتلاء مع وفور القوة. فإن كانت القوة به وحال البدن حال نقص أو فساد، أطعمنا كثيرا مرارا كثيرة لأن القوة قوية تفي بالإنضتج والحاجة أنابته لأجل النقصان والفساد. وهكذا يدبر في الحرنق فإنه يشبه حال الأمراض التي تعرض من فساد الكيموسات. ولذلك يحتاج فيه إلى زيادة متتابعة من غذاء محمود. لكن إن صادفنا قوة، كثرنا؛ وإلا، قللنا. وإن كانت القوة قوية ولا فساد ولا نقصان ولا امتلاء، * غذونا (24) كثيرا لا في مرات كثيرة. وأشبه الفصول بهذه الحالة حال الشتاء. فإن القوة فيه قوية والحرارة الغريزية تحلل وتفرغ البدن تحليلا واقبا. ولذلكك يطعمه كثيرا لا في مرات كثيرة.
18
[aphorism]
قال أبقراط: أصعب ما يكون احتمال الطعام على الأبدان في الصيف والخريف. وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء ثم بعده في الربيع.
[commentary]
وقد مضى بيان ذلك فيما تقدم في قوله الأجواف في الشناء والربيع أسخن ما يكون بالطبع.
19
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت نوائب الحمى لازمة لأدوارها، فلا ينبغي في أوقاتها أن يعطى المريض شيئا أو أن يضطر إلي شيء. لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات الانفصال.
[commentary]
تلخيصه: قوله "قبل أوقات الانفصال" يمكن أن يفهم منه قبل وقت المنتهى، ويمكن أن يفهم منه قبل وقت البحران، ويمكن أن يفهم منه وقت النوائب. وكلها حق والأولى أن يكون أراد النوائب * إذ (25) فرغ من الكلام في المنتهى، والبحران على أكثر يكون في المنتهى.
20
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي يأتيها أو قد أتاها بحران على الكمال لا ينبغي أن تحرك ولا أن يحدث فيها حدث لا بدواء مسهل ولا بغيره من التهيج لكن يترك.
[commentary]
تلخيصه: ينبغي أن تخلي الطبيعة وفعلها ما لم تكن حركتها للبحران حركة ناقصة. فإن كان في البحران نقصان، * اكتملها (26) الطبيب حينئذ. والبحران التام هو الذي مستكمل العلامات المحمودة وهو أن يكون باستفراغ دون خراج، وأن يستفرغ PageVW0P005B الخلط المؤذي الذي هو علة المرض، وأن يكون الاستفراغ من الجانب الذي فيه المرض، وأن يجد بعقبه راحة وخفة، وأن يكون بعد علامات النضج ويكون في يوم محمود.
21
[aphorism]
قال أبقراط: الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل بالأعضاء التي تصلح لاستفراغها.
[commentary]
تلخيصه: إنه متى مالت الطبيعة لاستفراغ المادة ناحية صالحة للاستفراغ كالمعدة والأمعاء والكلى والجلد، أعدلها الطبيب ما يحتاج إليه، وعاونها وإلا، جذبها إلى ناحية أخرى، كميل مادة الكبد إلى الصدر والرئة والقلب. فإنه ينبغي أن يمال بتلك المادة إما إلى الأمعاء فيستفرغ بالإسمال وهو الأصلح أو إلى المعدة فيستفرغأ بالقيء أو إلى الكلى والمثانة بالإدرار.
22
[aphorism]
قال أبقراط: إنما ينبغي لك أن يستعمل * الدواء (27) والتحريك بعد أن ينضج المرض. فأما * ما (28) دام نيا وفي أول المرض، فليس ينبغي أن يستعمل ذلك إلا أن يكون المرض مهتاجا. وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون كذلك.
[commentary]
تلخيصه: عنى بالاهتاج أن لا يستقر لكن يسيل ويتحرك من عضو إلى عضو. ومتى كان كذلك، استفرغ في الأول. فأما إذا كانت الكيموسات ساكتة في عضو، فلا ينبغي أن تحرك بالدواء المسهل حتى يصح فإنها إذا نضجت، كانت الطبيعة * معاندة (29) لها على استفراغها والطبيعة تدفع الفضل بعد النضج وعندما يكون البحران، إلا أنها إذا كانت حركتها * ناقصة (30) تممت باستفراغ المؤذي.
23
[aphorism]
قال أبقراط: ليس ينبغى أن يستدل على المقدار الذي يجب أن يستفرغ من البدن من كثرته لكن ينبغي أن يستغنم الاستفراغ ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الذي يستفرغ والمريض محتمل له بسهولة وخفة وحيث ينبغي فليكن الاستفراغ حتى تعرض الغشي. وإنما ينبغي أن يفعل ذلك متى كان المريض محتملا له.
[commentary]
تلخيصه: العلامة التي يستدل بها على مقدار الاستفراغ والاستقلال المريض ووجدان الخفة. فإذا صاد فيهما، فاستفرغ إلى أن يحدث الغشي فإنه الإعلاج أقوى في الحميات المطبقة والأورام والأوجاع المفرطة من الاستفراغ إلى أن يعرض الغشي PageVW0P006A بعد أن يكون المريض محتملا. وعنى بالغشي الذي يكون بسبب الاستفراغ.
24
[aphorism]
قال أبقراط: قد يحتاج في الأمراض الحادة في الندرة إلى أن يستعمل الدواء المسهل في أولها. وينبغي أن يفعل ذلك بعد أن يتقدم فيدبر الأمر على ما ينبغي.
[commentary]
تلخيصه: إنما قال "في الندرة" لأنه ليس يكاد الأخلاط المولدة للمرض أن تكون في أوله مهتاجة. وإن اتفق أن يكون كذلك، فعل ما يتفق أن يكون بدن المريض منها الإسهال. فإن من مرضه من لحمه أو أطعمه لرخبر أو فيما دون الشراسيف منهم انتفاح أو في بعض الأحشاء ورم أو به حرارة شديدة، ليس بدن واحد منهم بمنتهى للإسهال ولا من كيموسات بدنه غليظ لزجة أو في المجاري سدة. والهيئة أن تطلف الأخلاط وترقق وتهتاج المجاري وإنما حذر استعمال المسهل في أول المرض الحاد لأن الحمى تحتاج إلى ترطيب؟ وتبريد، والمسهل يسخن ويجفف. فلا ينبغي أن يسقى المسهل إلا حيث يكون الانتفاع باستفراغ الكيموس الذي حدث عنه المرض أكثر من الضرر الذي ماله بسبب الأدوية المسهلة. ولذلك قال حنين: إنما نهى أبقراط عن ذلك خوفا من أن يهيج ما هو أشد منه. فقد قال في هذا الكتاب: إن كنت محركا في الأمراض شيئا، فحركه في ابتدائه.
صفحه نامشخص