تلخیص کتاب السماء والعالم
تلخيص كتاب السماء والعالم
ژانرها
ولما كان أحد ما وضع فيما سلف ان لهذه الأجسام ثقلا ما في مواضعها وفي المواضع التي فوقها، أخذ يقرره هاهنا ويحتج له فقال: ان لكل واحد من الاجرام المتوسطة، أعني الهواء والماء، ثقلا في مواضعهما الخاصة بهما وفي المواضع التي فوقها. واما النار فليس لها ثقل البتة. قال: والدليل على أن للهواء والماء ثقلا في مواضعهما أنه إذا جذب أحد جزءا من الماء إلى أسفل انجذب معه الهواء بسهولة وانتقل إلى موضع الماء. وكذلك يعرض للماء مع الأرض أعني انا إذا دفعنا جزءا من الأرض إلى أسفل انتقل الماء إلى موضع ذلك الجزء بسهولة. قال: وليس يعرض هذا للنار. قال: وليس لها في مواضعها خفة بدليل أنه ليس ينتقل الماء إلى موضع الهواء والأرض إلى موضع الماء إلا قسرا، وذلك ظاهر من أمر الماء والهواء في الأنبوبة التي يجذب بها الماء بتوسط الهواء، وفي الاواني التي تجذب الماء إذا حميت أفواهها بالنار ثم سدت أفواهها ووضعت على الماء، فإنه يظهر من أمرها أنها تجذب الماء قسرا وذلك أن الهواء إذا تحرك بالنارية المتولدة فيه إلى أعلى الإناء جذب معه الماء على جهة الاستتباع لموضع ضرورة امتناع وجود الخلاء. قال: وانما لا يعرض مثل هذا للماء مع الأرض لأن سطح الهواء يتحد بسطح الماء اتحادا يعسر انفصاله عنه لمسامتة احدهما الآخر، وليس الأمر كذلك في سطح الماء مع سطح الأرض. فهذه هي جملة ما يقوله أرسطو في أن هذه الاسطقسات الثلاثة لها ثقل في مواضعها، [لا] ما يفهم من قوله أن لها ثقلا في ماعدا مواضعها، لأنه لو كان كذلك لكان الموضع الذي يتحرك إليه الجسم البسيط هو الذي يتحرك منه، ولكانت في مواضعها واقفة قسرا، وذلك كله محال، وإنما نعني بالثقل في مواضعها سرعة قبولها للحركة إلى أسفل عندما تجذب الجسم الذي تحتها وذلك لمكان الاستتباع الذي سببه امتناع وجود الخلاء، ولم يوجد لها خفة في مواضعها لعسر قبولها للحركة إلى المواضع التي فوقها إلا قسرا، فإنه بين أنه متى دحرجنا جزءا من الماء عن موضعه ان الهواء يملأ ذلك الموضع بسهولة من غير قسر، وإذا زحزح جزء من الهواء عن موضعه، لم يملأه جزء من الماء الا بعسر وضرب من القسر، وكذلك الأمر هو بعينه السبب في انجذاب [ 50 و: ع] الماء إلى موضع الهواء الذي هو اتحاد بسيطتهما وتكون حركة الواحد منهما إلى موضع صاحبه قسرا وعلى وتيرة واحدة، وليس كما قال، فإنه يضهر بالحس أن حركة الهواء إلى موضع الماء أسهل من حركة الماء إلى موضع الهواء، فهذا المعنى الذي اختلفا فيه هو الذي سماه أرسطو ثقلا وأوجبه للهواء في موضعه وللماء في موضعه وللأرض في موضعها. وتامسطيوس يعترض [على] السبب الذي قيل في جذب الهواء الذي في الاناء المحمي الماء على جهة الاستتباع، وذلك أنه يقول لو كان السبب في ذلك حركة الهواء إلى فوق عندما يسخن لوجب ألا يكون هذا الجذب للهواء الا عند أول ما يلقي فيه النار في الاناء، ونحن نجد أنه إن لم يسد الفم الماء، قال فمحال أن يكون تحرك الهواء الذي في الإناء عند أول ما يلقي فيه النار ثم يتحرك بأخرة عندما يزال السد من فم الاناء ويوضع على الماء. وقد ذهب عليه أنه إذا جعل النار في الإناء فإنما يتحرك الهواء الذي في فم الاناء إلى أعلى الإناء إذا وجد جسما يخلفه في الموضع الذي فرغه ، فإن لم يسد فم الإناء عند أول ما يلقي النار فيه يدخل من الهواء الذي من خارج ما يملأ الموضع الذي فرغه الهواء المتحرك إلى أعلى الاناء فلا يجذب الاناء الماء حينئذ ان وضع عليه، واما إذا سد فم الاناء أول ما توضع فيه النار فإن الهواء الناري يبقى في أسفل الاناء بضرب من القسر، فإن نقلته لا تمكن، إذ كان لا يمكن وجود جسم يملأ ذلك الموضع الذي يتنقل عنه، ولا يمكن أيضا وجود الخلاء، فإذا وضع السد على فم الإناء ثم أزيل ذلك السد قبل أن تذهب الحرارة التي في الإناء، ووضع فم الاناء على الماء، تحرك الهواء إلى أعلى الاناء حينئذ لأنه وجد جسما يملأ الموضع الذي فرغه وهو الماء، ولذلك ينجذب الماء ويدخل في الاناء قسرا، ومثل ذلك يعرض في المحاجم النارية التي تصنعها الأطباء. فقد تبين من هذا القول أن الثقيل يقال على ثلاثة معان: احدها الثقيل المطلق، والثاني الثقيل المقول بمقايسة، وهو على ضربين منه ما يقال بالاضافة إلى مكان الجسم الطافي عليه، ومنه ما يقال بالاضافة إلى موضعه.
الفصل السادس
صفحه ۳۷۸