============================================================
الفن الثالث علم البديع والمقبول منه أصناف: منها: ما أدخل عليه ما يقربه إلى الصحة، نحو: "يكاد" في قوله تعالى: يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار4 (النور: 35). ومنها ما تضمن نوعا حسنا من التخييل، كقوله: عقدت سنابكها عليها عثيرا لو تبتغي عنقا عليه لأمكنا وقد اجتمعا في قوله: يخيل لي أن سمر الشهب في الدحى وشدت بأهدابي إليهن أجفاني ومنها: ما أخرج مخرج الهزل والخلاعة، كقوله: أسكر بالأمس إن عزمت على الشر ب غدا إن ذا من العحب ومنه: المذهب الكلامي، وهو إيراد ححة للمطلوب على طريقة أهل الكلام، نحو: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (الانبياء:22).
يكاد: فإن لفظ يكاد يقرب ما دخل عليه وهو قوله: ازيتها يضيء1 إلى الصحة؛ لأنه لولاه لم يصح عقلا وعادة وكان مردودا؛ لأن من شان الزيت عدم الإضاءة بغير النار، لكن لما ذكر "يكاد" وأدخل عليه صار مقبولا.
عقدت: أي عقدت سنابك تلك الأفراس الجياد فوق رؤوسها غبارا لو تبتغى تلك الجياد السير عليه، يمكن سيرها عليه يصف آن غبار السنابك بلغ مبلغا لو أريد المرور عليه لأمكن، وهذا متنع عقلا وعادة، لكنه تخييل حسن، وقد بلغ غاية في الغلو وحسن التحليل قول نظامى الگنحوي حيث قال بيت: رسم ستوران دران پهن وشت زمين شش شد دآمان گشت هشت عثيرا: ومن لطائف العلامة في "شرح المفتاح" العثير: الغبار، ولا يفتح فيه العين.
يخيل إلخ: أى يوقع في خيالي أن الشهب محكمة بالمسامير لا تزول عن مكافا، وأن أجفان عيني قد شدت بأهداها إلى الشهب بطول ذلك الليل وغاية سهري فيه، وهذا تخييل حسن. آمكر: يصف الشاعر شدة تأثير الشراب فيه، والشاهد فيه الغلو المقبول؛ لأن السكر في الأمس للعزم على الشراب غدا محال، لكنه مقبول لاخراحه مخرج الهزل، وذلك مما تميل إليه الطبائع على طريقة إخ: وهي أن تكون بعد تسليم المقدمات مستلزمة للمطلوب. لفدتا: فاللازم وهو فساد السماوات والأرض باطل؛ لأن المراد به خروجهما عن النظام الذي هما عليه، فكذا الملزوم وهو تعدد الآلهة.
صفحه ۱۲۵