واما اشخاص الاعراض، فمنها ما يوجد عن الاسباب الطبيعية، ومنها ما يوجد عن الاسباب الارادية، ومنها ما يوجد عن الاتفاق. وذلك فى جنسين جميعا، اعنى فى الاشياء الارادية والاشياء الطبيعية. فما كان من هذه موجودا عن الاتفاق، فليس له طبيعة معقولة اذ ليس له اسباب محدودة، ولذلك ليس يمكن ان يقع للانسان معرفة بما يحدث من هذه الا بضرب من العرض. واما الصنبف الثانى من الاعراض المحدودة الاسباب، فلها ضرورة طبيعة كلية معقولة، هى السبب الاول فى وجودها. فانه واجب ضرورة ان يكون ما تحصل معرفته بالذات ان يكون له اسباب موجودة بالذات، واذا كان هنالك اسباب موجودة بالذات، فهى ضرورة معقولة عند الطبيعة الكلية، سوا عقلناها نخن او لم نعقلها. وانما كانت هذه الشخوص الحادثة، لا تحصل لنا معرفة حدوثها بقياس، وذلك فى ما يتباعد منا زمانه، لان تلك الاسباب غير محصورة الوجود عندنا، مع انها فى انفسها محصورة الوجود، فانا انما ندرك الجليل من هذه الاسباب والكلية العامة. وبين المراتب والاطوار التى ندركها نحن من ذلك، والتى هى محدودة عند الطبيعة المعقولة التى تقيل ما عندها من ذلك الطبيعة المحسوسة وتتحرك عنها كما تتحرك الآلات عن صورة الصناعة، مراتب دقيقة تكاد ان تكون غير متناهية. ولذلك ما نرىء انه ليس يحدث شخص من الاشخاص بالذات عن الطبيعة الا بعلم متقدم، فان آلة صاحب المهنة، كما يقول ارسطو، انما تتحرك بقدر علم صاحب المهنة. واما ما يحدث عن الارادة والاختيار، فما منها بالذات محصورة الاسباب فى انفسها، وان لم تكن محصلة عندنا. وذلك اما عن خلق الانفس الطبيعية، واما عن الخلق الناشية عن السير والآراء الانسانية، فان هذه ايضا واجب ان تكون محدودة عند الطبيعة، وان كانت مجهولة عندنا.
صفحه ۷۸