والدليل على ان النوم هو غوور الحس المشترك الى باطن البدن ان اليقظان يعرض له مثل هذا، اعنى انه تمر به المحسوسات فلا يدركها، وذلك اذا اقبل بالفكرة على امر ما، لانه فى ذلك الوقت يعطل آلات النفس الحساسة ويقبل بالحاسة المشتركة الى داخل الجسم لمعونة القوة المفكرة، لان القوة المفكرة تقوى عند سكون سائر الحواس. ولذلك كان الانسان يدرك فى النوم الامور المستقبلة ولا يدركها فى اليقظة. واما معونة هذه القوة المفكرة فبان تحضر ما عندها من رسم ذلك الشىء فيصفيه الخيال، وتحضره القوة المفكرة. وذلك ان المعنى الذى يدرك بالفكر روحانى، فهو يحتاج الى معونة هذه القوى فى ادركه الذى يخصه. وهذا ليس يعرض لشىء من الحيوان سوى الانسان، لانه لا قوة عقلية لها. وانما تدرك من المحسوسات سوم الاشياء وقشورها. والدليل على ذلك أنها قد تمر على الضار لها فلا تتجنبه، وعلى النافع فلا تتحرك اليه.
صفحه ۵۵