مقدمة المحقق
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهمّ منك نستلهم العون والتوفيق،
وبعد:
فالتاريخ الفكرى لأمتنا العربية زاخر بالذخائر، ولقد أسهم الآباء إسهاما عميقا مثمرا في كل ما يتصل بألوان المعرفة الإنسانية وضروبها، ومن ذلك تأريخهم للبلدان ومن نبغ فيها، فأنت لا تكاد تجد مدينة إسلامية إلا ولها تاريخ، فألفوا في ذلك وأكثروا، وجادوا فأجادوا، وتركوا لأبنائهم في هذا الصدد تراثا ضخما، يؤرخون فيه لمئات من المدن كبغداد والموصل ومكة والمدينة والقدس، ودمشق وحلب ومصر، والمغرب العربى والفردوس المفقود (الأندلس) وخراسان وبخارى وبيهق، وبلخ ونيسابور وجرجان، وأصفهان وشيراز وقزوين وصعيد مصر.
والكتاب الذى أقدمه اليوم عن «الصعيد» هو حلقة من هذه السلسلة المتصلة الحلقات من تاريخنا الفكرى.
والدارس لهذا الكتاب يعجب بحق لهذه النهضة العلمية التى كانت في صعيدنا، متمثلة في مدارسها في قوص وأسوان وأسنا وغيرها من بلدان الإقليم، وهى نهضة لا تقل بحال عما كان يدور في مصر أو فى القاهرة في تلك العصور.
وأكبر الظن أن هذا الصيت العلمى والأدبى لصعيد مصر، هو الذى دفع الشيخ أبا حيّان الغرناطىّ الإمام، لأن يطلب من تلميذه الكمال الأدفوىّ، أن يسجل هذه النهضة فى كتاب، فكان «الطالع السعيد».
المقدمة / 5