(فصل) فإن قال صاحب هذه المقالة: إن الغلول من الغنيمة إنما
يحرم إذا كانت الغنيمة تقسم على الوجه المشروع، فإن تغير الحال وعلم التصرف في الأموال جورا، جاز لمن ظفر بقدر حقه أن يتملكه ويكتمه، ولو حلف عليه موريا كان مصيبا محسنا.
ثم وصل هذا القائل بهذا اللفظ أن قال: وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس، فأخذ منه جارية، وأصبح ورأسه يقطر، فقال خالد لبريدة بن الحصيب: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال بريدة: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((فإن له في الخمس أكثر من هذا)).
قال هذا القائل: فقد قبض علي من الخمس ما لم يعينه النبي صلى الله عليه وسلم له، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حقه من الخمس، فكذلك من الغنيمة، من أخذ منها حقه جاز.
قلنا: هذا القول مشتمل على أباطيل من أوجه:
أحدها: أنه قول مخترع لمجرد دعوى لا برهان لها، وليس كل مدع تقبل دعواه لمجرد قوله.
صفحه ۵۳