فإن قيل: هذا التأويل يدفعه قول بعض الأنصار الثابت عنهم في ((الصحيح)): أنهم عتبوا وقالوا: إن هذا لهو العجب؛ إن سيوفنا تقطر من دمائهم، وإن غنائمنا تقسم بينهم!! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعث إليهم، فحضروا، فقال: ((ألا ترضون أن يذهب الناس بالغنائم وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟)).
قلنا: جوابه ما أجاب به الشافعي وغيره من العلماء: أن هذا العطاء لقريش إنما كان من الخمس.
قال: ويسوغ أن يقولوا: نحن غنمنا الخمس، والخمس غنيمتنا؛ لأنهم غنموه حقيقة كما غنموا باقي الغنيمة، وكان عتبهم لكون غيرهم رجح [عليهم، و] التنفيل والإعطاء من الخمس إنما يكونان على حسب الفضائل والسوابق في الإسلام.
وليس الأمر كما ظنوا، بل ذلك بحسب المصلحة واجتهاد الإمام، وكانت المصلحة يومئذ في تألف قريش وغيرهم ممن أعطي.
قال الشافعي: وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخمس: ((هو لي، وهو مردود فيكم ))، فلما أعطاه الأبعدين عتب بعض الأنصار الذين هم أولياؤه وحلفاؤه وملازموه.
وهذا التأويل متعين؛ لأنه ثبت في ((الصحيح)): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس غنائم حنين وقسم الباقي.
صفحه ۴۱