... تنافر <<أمدحه>> مع <<أمدحه>> لتواليهما مع ما فيهما من حروف متحدة مكررة وذكر (الحاء) و(الهاء) فيهما، ولم يحصل التنافر بتكرير (الهمزة) و(الميم) و(الدال)، ولو لم يكرر <<أمدحه>> لم يحصل (للحاء) و(الهاء) ثقل مخرج للكلام عن الفصاحة ولو كان بهما ثقل، وإنما حصل بتكريرها. ذكر أن الصاحب إسماعيل بن عباد أنشد القيصدة التي فيها هذا البيت بحضرة ابن العميد الوزير- وكان قد صحب ابن العميد في وزارته وتولى الوزارة بعده لفخر الدولة ولقب بالصاحب الكافي، والصاحب في عرف الكتابة من يكتب للأمير كما يريد في تلويح العبارة وبلاغتها لا كما يريد الأمير. والصابي من يكتب كما يؤمر كما ذكرته في (ربيع البديع) (¬1) وكان الصاحب المذكور[ أستاذا ] لعبد القاهر- ولما بلغ إنشاده هذا البيت قال له ابن العميد: وهو أستاذ أيضا هل[تعرف فيه ]شيئا من الهجنة؟ يعني القبح.قال الصاحب: نعم، مقابلة المدح باللوم، وإنما يقابل بالذم أو الهجاء، فقال ابن العميد: غير هذا أريد. فقال: لا أدري ]غير ذلك. فقال ابن العميد: هذا التكرار في <<أمدحه>> مع الجمع بين (الحاء) و(الهاء) وهما من حروف الحلق، خارج عن حد الاعتدال تنافر كل التنافر، فأثنى عليه الصاحب إسماعيل.
ومعنى " كل التنافر " تنافر عظيم، لأنه ليس بمتناه؛ فإن المتناهي هو مثل قوله << قرب قبر حرب قبر>>، وأما مقابلة المدح باللوم لا بالذم فلعلها لأنه لا يخطر بالبال الذم لعلو مقام الممدوح عن أن يخطر ذمه ببال أحد.
وقال الزوزني (¬2) :
صفحه ۳۲