قيل إن نوعا ] من الجن يقال له الهاتف صاح واحد فيهم على حرب بن أمية جد معاوية بن أبي سفيان فمات، فقال ذلك الجني هذا البيت، والتمثيل بكلام الجني جائز باتفاق وكذا بكلام كل أحد، وأما الاستشهاد فلا يجوز إلا بكلام العرب الموثوق بهم، والجن لا يوثق بأنهم قد مارسوا لسان العرب حتى كان كلامهم ككلام العرب، وقيل في جن بلاد العرب:إنه يوثق بهم، لكن من أين يعلم أنه من جنها حتى يقال إنه مارس.وذكر المسعودي (¬1) << أن أمية كان مصحوبا تبدو له الجن ، فخرج في عير من قريش، فمرت بهم حية فقتلوها، فاعترضت لهم حية أخرى تطلب بثأرها، وقالت: قتلتم فلانا، ثم ضربت الأرض بقضيب فنفرت الإبل، فلم يقدروا عليها إلا بعد عناء شديد. فلما جمعوها جاءت فضربت ثانية، فنفرت فلم يقدروا عليها إلا بعد نصف الليل، ثم جاءت فضربت ثالثة فنفرتها فلم يقدروا عليها حتى كادوا يهلكون عطشا وعناء وهم في مفازة لا ماء فيها، فقالوا لأمية: " هل عندك من حيلة " قال: لعلها.
... ثم ذهب حتى جاوز كثيبا فرأى ضوء نار على بعد فاتبعه حتى أتى على شيخ في خباء، فشكا إليه ما نزل به وبصحبه، وكان الشيخ جنيا، فقال: اذهب فإن جاءتكم فقل: باسمك اللهم سبعا. فرجع إليهم وقد أشرفوا على الهلكة، فأخبرهم بذلك. فلما جاءتهم الحية، قالوا ذلك، فقالت: تبا لكم! من علمكم هذا؟ ثم ذهبت وأخذوا إبلهم، وكان فيهم حرب بن أمية ابن عبد شمس جد معاوية بن أبي سفيان، فقتله الجن بعد ذلك بثأر الحية المذكورة، وقالوا فيه:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر
صفحه ۳۰