... هي كونه قوي التركيب متناسب الكلمات التي فيه كلها ظاهر الدلالة على المعنى المراد منه، فصيح الكلمات التي فيه كلها بأن لا تكون فيه كلمة تنافرت حروفها فيما بينها، ولا غريبة، ولا مخالفة للقياس؛ فإن كان ضعيف التركيب أو تنافرت فيه كلمتان فصاعدا إحداهما مع تاليتها ولو كانت في حد ذاتها لا تنافر بين حروفها ولم تتناسبا أو غير ظاهر الدلالة على المعنى المراد، بل معقدا أو كانت كلمة منه غير فصيحة - فليس بفصيح. والله أعلم. ...
باب ضعف التركيب
ويقال ضعف التأليف والمراد هنا التركيب التام، والتركيب أعم لأن التأليف تركيب مع ألفة ما ولو ضعيفة، والتركيب مطلقا: ضم كلمة إلى أخرى أو جمع ما فوق الكلمتين بحيث يحسن السكوت ولو لم تحصل ألفة ما، وضعفه هوأن يكون تركيب أجزاء الكلام على خلاف القانون النحوي المشتهر فيما بين معظم النحاة الذين يقولون: إنه المقيس المطرد، وإيضاح ذلك أن النحاة كالخليل وسيبويه تصفحوا كلام العرب فاختاروا منه ما اختاروا وجعلوه أصولا فهو القوي وغيره ضعيف، فلا يوهمنك قول عصام الدين في " الأطول ": إن العرب لا تعرف القانون النحوي لأن مرجع ذلك إلى من تصفح كلامهم لا إليهم ولأن القانون النحوي كما شخصه الخليل وسبيويه وغيرهما قد عرفه العرب؛ وهو قانون لغتهم، ولو لم يعرفوا ما أحدث النحاة في اصطلاحهم، والغالب أن يكون الصواب مع جمهور النحاة بما منعوه كان غير فصيح، وقد يكون مع غير الجمهور لقرب مقاله إلى اللغة وظهور شواهده، وإن لم يثبت أن أحد الرأيين رأي الجمهور ولا مرجح اعتبر ما هو أقرب إلى اللغة؛ وإن اختلف البصريون والكوفيون ولا مرجح، فقيل: يرجح مذهب البصريين لأنهم يتعمدون الدليل القوي الكثير من كلام العرب، والكوفيون يكتفون بالدليل الغريب القليل، وقيل بالوقف ولسنا - ولا بد - متعبدين بتقليد البصريين.
صفحه ۲۵