تجربه زنانه
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
ژانرها
قالت الحارسة في شيء من التفكه: «إذن قتلت زوجك؟ ستجدين نفسك في صحبة طيبة. فلدينا أربع أخريات بنفس الجريمة. أضحت «مودة» هذه الأيام. تعالي معي.» وقادتها في دهليز، ثم اتجهت يسارا، وتوقفت أمام بوابة حديدية فتحتها بمفتاح، وانتظرت حتى تقدمتها السجينة، ثم أغلقت الباب بالمفتاح مرة أخرى. ولجتا فناء صغيرا ذا جدران بالغة الارتفاع، اصطفت في ناحية منه عدة مراحيض وأدشاش ودولاب. مضت الحارسة إلى الدولاب، فاستخرجت منه لفافة سميكة من البطاطين التي تنبعث منها رائحة النظافة، ناولتها للسجينة. وكان ثمة باب حديدي ثقيل في طرف الفناء المسور، يؤدي إلى زنزانة. مضت الحارسة إلى هذا الباب، وطرقته بصوت مرتفع وهي تصيح: «الشمعة يا مسجونات.»
رد صوت من الداخل: «طيب.» وتردد صوت احتكاك الثقاب. أولجت الحارسة مفتاحها من جديد، ففتحت الباب، وقفت تتابع السجينة وهي تبسط بطاطينها على الأرض. وكانت السجينات الأربع المحتجزات في الزنزانة قد اعتدلن جالسات، وأخذن يحدقن صامتات في رفيقتهن الجديدة. وعندما أغلق الباب، وجهن إليها التحية بهدوء وسألتها إحداهن: «من أين جئت؟»
أجابت الوافدة الجديدة: «بولنج.» اكتفت النسوة بهذه الإجابة الموجزة، فأطفأن النور، ورقدن ليواصلن النوم. وكأنما بلغت السجينة الجديدة نهاية رحلتها، فقد استغرقت أيضا في نوم عميق بمجرد أن سوت البطاطين من حولها.
دق جرس الإفطار في السادسة من صباح اليوم التالي. وأقبلت النسوة على روتينهن اليومي. فنفضن البطاطين، ثم طوينها وصففنها في أكوام مرتبة. وصلصل مفتاح حارسة النهار في القفل، وسرعان ما أطلقت السجينات إلى فناء أسمنتي صغير ليقمن بطقوس الاغتسال الصباحية. ثم ظهر سجينان عند البوابة، ترافقهما جلبة ما يحملان من دلاء وصحون. وقدم الرجلان لكل امرأة صحنا من العصيدة وكوبا من الشاي الأسود، فاقتعدن الأرض الأسمنتية، وأقبلن على الأكل. والتفتت إحداهن، المتحدثة باسم المجموعة، إلى رفيقتهن الجديدة، وقالت لها في رقة: «خذي بالك، فالشاي بدون سكر. ونحن نتحايل على ذلك بأن نكشط السكر من فوق العصيدة ونضعه في الشاي.»
رفعت المرأة ديكيليدي، رأسها وابتسمت. كان الرعب الذي ساورها في انتظار المحاكمة، قد جعلها أقرب إلى الهيكل العظمي. وكان جلد وجنتيها يحدث صريرا من جراء ما هو مشدود.
ابتسمت المرأة الأخرى كدأبها. كان وجهها يحمل دائما تعبيرا ساخرا من التفكه الغريب. وكان لها جسد ممتلئ ريان. قدمت نفسها ورفيقاتها: «اسمي كيبوني. وهذه أوتستسوي، والأخرى جاليبوي ثم مونوانا. وأنت ما اسمك؟» «ديكيليدي موكوبي.»
قالت كيبوني: «ولماذا هذا الاسم المأساوي؟ لماذا أسماك أبواك بالدموع؟»
قالت ديكيليدي: «مات أبي عند مولدي، فأسموني بدموع أمي.» ثم أضافت: «وماتت أمي بعد ذلك بست سنوات، فتولى عمي تنشئتي.»
هزت كيبوني رأسها في رثاء وهي ترفع في بطء ملعقة عصيدة إلى فمها. وبعد أن ابتلعتها سألت: «وما هي جريمتك؟» «قتلت زوجي.»
قالت كيبوني: «كلنا هنا لنفس الجريمة.» ثم سألت بابتسامة ساخرة: «أأنت نادمة؟»
صفحه نامشخص