يا حبيبتي برسيا! لم تسود الصحف في يوم من الأيام بمثل ما سودت به هذه الصحيفة من السطور المشئومة. عندما فاتحتك بغرامي لأول عهدنا، أقررت لك بأن ما بقي من ثروتي لم يكن إلا الدم الجاري في عروقي: دم ماجد شريف. على أنني أيتها الصفية الرقيقة، مع صدقي بإبلاغك أنني لم أكن شيئا مذكورا، قد غاليت فقومت نفسي، بما يفرق قيمتها كثيرا، وكان الأجدر بي أن أصارحك بأنني أقل من لا شيء: ذلك لأنني استخدمت ضمان صديق عزيز للحصول على مال أقضي به حاجاتي، فعرضته بذلك لألد أعدائه وأشد مبغضيه. هذا كتاب يا سيدتي درجه جسم صاحبي، وكل كلمة في الدرج. جرح ثخين في الجسم يتدفق منه الدم وتندفع في أثره الحياة. ولكن أحق يا سالريو أن كل تلك المواسق نكبت؟ عجبا! ألم ينج واحد منها؟ أولم تصل سفينة فذة من تلك السفائن العائدة من «طرابلس» أو «المكسيك» أو «إنجلترا» أو «لشبونة» أو «الهند» بلا استثناء؟ أكلها أبادته الصخور، وألقت به في أعماق البحور؟
سالريو :
كلها باد بلا استثناء. ومما يزيد الشجن أن اليهودي، فيما ظهر منه وتحقق، يأبى المال لو رد إليه الآن. ذاك مخلوق، على كونه في شكل إنسان، ما رأيت في غابر أيامي أشد منه تكالبا للتنكيل بخصمه، فهو من الصباح إلى المساء لاحق بالدوق ملح أو ملحف يتقاضى شرطه مجاهر بأنه لا يبقى للعدل في الحكومة معنى إذا لم يعن على استيفاء حقه، وقد خاطبه عشرون من التجار كما خاطبه الدوق نفسه، والملأ الأكرمون من الأعيان ليعتدل في أربه، ويعدل عن طلبه فأبى مصرا، ولم يتمكنوا من تليين قلبه الجافي المليء بالضغن.
جسيكا :
عندما كنت معه سمعته بحضرة طوبال يهمس لمشايعيه في الدين يقول: إنه يؤثر البضعة من لحم أنطونيو على عشرين ضعفا للقدر الذي أقرضه إياه، وأنا متحققة من أن أنطونيو المسكين إذا لم يؤازره القانون أو أولياء الحل والعقد لم يفلت من مخالب الخطر.
برسيا :
أذلك الرجل الواقع في هذه الأزمة الشديدة حبيب إليك، عزيز عليك.
باسانيو :
هو أصفى إخواني وأوفى أخداني، هو في الرجال الأشهم الأمجد، الأكرم الأعود، هو الإنسان الذي تتراءى فيه الروح الرومانية أصفى ما كانت، وأنقى ما هي كائنة في نفس إنسان من بني إيطاليا.
برسيا :
صفحه نامشخص