قف قليلا يا أمير مراكش. زن قيمتك وزن إنصاف. لو رجعت في الحكم إلى ما تقوم به نفسك لأغليت. ولكنك مهما تغال، وتكن علي حق، فربما لم تكن بالغا من القدر ما يؤهلك لهذه الغيداء، على أنني لو نظرت من جهة أخرى لما جاز الارتياب في قدري، ولا الإزراء على نفسي. ما أستحق؟ أنا كفء لهذه الحسناء بمحتدي وبجاهي، وبجمال ملامحي، وأدبي، وخصوصا بحبي. لعل الهدى في وقوفي ههنا؟ بل لنقرأ ما علي صندوق الذهب:
من اصطفاني فقدما
تمنت الناس وصلي
معناه أن كل إنسان يتمنى ربة هذا القصر، وأن الخطاب من كل أطراف الدنيا يسعون لتقبيل الوعاء المشتمل علي هذه الحوراء الدنيوية. فمن جهة قد تحولت فدافد أركانيا، وفيافي بلاد العرب إلي مسالك يسلكها الأمراء قادمين من كل صوب لمشاهدة جمال برسيا، ومن جهة ثانية قد أصبحت مملكة الماء التي تشمخ بأمواجها إلى السماء غير مانعة من توافد الأجانب يجوزونها كما تجاز الأنهار الصغرى، ليشاهدوا جمال برسيا. في أحد هذه الصناديق الثلاثة رسمها المعشوق، أيحتمل كونه في صندوق الرصاص؟ من الإثم هذا الظن. وذلك الجسم لا يليق أن يوضع، حتى بعد الوفاة، في مثل هذا المعدن الحقير. أفيكون الرسم إذن في الفضة، وقيمة الفضة أقل عشرة أضعاف من قيمة الذهب الخالص. وهل يعقل أن توضع لؤلؤة غالية هذا الغلاء في شيء أدنى من الذهب؟ توجد في إنجلترا سكة مصور عليها ملك، ولكن الملك على ظاهرها، أما هاهنا في ضمن مهد من الذهب. أعطوني المفتاح قد استخرت الله.
برسيا :
هذا مفتاحه يا أمير، فإن كان رسمي فيه فإني جاريتك.
الأمير «بعد فتح صندوق الذهب» :
يا للعنة! ماذا أرى؟ هيكل ميت! وفي عينه الفارغة قرطاس؟ لنقرأ ما في القرطاس:
قل كائنا من كنت عن ثقة
ما كل براق من الذهب
صفحه نامشخص