(أنظر الثعالبي، التتمة ص ٩٦) .
فبهذا لا نستبعد أن يكون مسكويه قد عمّر مائة سنة كاملة (٣٢٠- ٤٢١) إن لم نقل أكثر من ذلك، وعاش قرنا كاملا هو ألمع القرون الإسلاميّة حضارة، وهو عصر النهضة في الإسلام كما سمّاه آدم متز. وإذا عرفنا أنّ دولة البويهيين قد بدأت في سنة ٣٢٠ هـ، فيكون مسكويه والدولة البويهية، تربين، أو، لدتين، تعاصرا قرنا كاملا. والسنوات المائة هذه كانت قمّة ازدهار تلك الدولة، وأمّا السنوات المتبقّية من عمر الدولة (٢٧ ٤٢١- ٤٤٨ هـ.) فهي سنوات تنحدر الأسرة البويهيّة فيها، إلى حضيض الضعف والاضمحلال. فبذلك، يصبح مسكويه وثيقة حيّة من أوثق وثائق تلك الحقبة التاريخية التي لها خصائص وميزات في تاريخ الفكر والعلم الإسلاميين، وإن كانت بالنسبة للخلافة العباسية عصر تفكّك وتعدّد في مراكز الحكم، مع العلم بأنّ هذا بالذات، أدّى إلى تعدّد مراكز العلم أيضا، كما أدّى إلى ازدهار تلك المراكز، ونبوغ العلماء المنتمين إلى مختلف أرجاء العالم الإسلامى آنذاك، وذلك لتنافس الأمراء وتفاخرهم فيما بينهم باجتذاب العلماء والأدباء إلى بلاطاتهم. فنبغ في غضون ذلك رجال علم وحكمة وأدب وسياسة عاصرهم مسكويه وعاصروه، وكان مسكويه على اتّصال وثيق بكثير منهم.
مسكويه، لا ابن مسكويه
واختلفوا لا سيّما في القرون الإسلامية الأخيرة في أنّه: من هو الملقّب بمسكويه؟ هو، أى أحمد، أو أبوه محمّد، أو جدّه يعقوب؟
والواقع أنّ مسكويه لقبه هو، أى لقب أحمد، وأمّا الاختلاف الموجود بهذا الصدد، فيرجع أولا، إلى عدم الانتباه إلى التسمية التي سمّاه بها معاصروه من أصدقائه وزملائه، وثانيا، لأنّ بعض المتأخرين رأوا مسكويه يسمّى نفسه بشكل لا يمكن معه البتّ، لو لم نستدلّ بما دعاه به معاصروه. فإنّنا نراه قد يسمّى نفسه «الأستاذ أبو على أحمد بن محمد مسكويه» (أنظر التجارب، المخطوطة المصورة ١٨٢ بن ٦، ٤٨٠ بن ٥ والمطبوعة من نشرتنا، ج ٥: ١٧٠، ج ٦:
٤١٠، جاويدان خرد [الحكمة الخالدة]: ٣٧٥)، كما قد يسمّى «أحمد بن محمد بن يعقوب
1 / 13