الذين هم عن صلاتهم ساهون ، قال: إنما ذكرت ما أحتاج إليه وتركت ما لا حاجة لي به. ولأحد الشعراء الأقدمين بيت في مثل هذا المعنى وهو قوله:
ما قال ربك ويل للألي سكروا
بل قال ربك ويل للمصلينا
فهل تريد حكومتنا أن تجري في اتباع أحكام الدستور على هذا المنهاج، تحتفظ بمالها وتسهو عما عليها؟ إن هذا إلا ضلال مبين.
عمرو بن معدي كرب الزبيدي كان من الصحابة، توجه ذات يوم إلى صديق له فحياه بقوله: عم صباحا، فقال الرجل لعمرو: أو لم يبدلنا الإسلام عن هذا بما هو خير منه، وهو السلام عليك، قال عمرو دعنا مما لا نعرف، هل لك في جدي مشوي وخمر معتقة؟ قال الرجل: أتشرب الخمر وقد حرمها الله علينا في كتابه؟ قال عمرو: والله إني سمعت ما بين دفتي المصحف فما وجدت لها تحريما غير أنه قال:
فهل أنتم منتهون ، فقلنا: لا.
لقد مضى على الهجرة ثلاثمائة وألف عام فأروني اليوم رجلا يقول مثل ما قاله ذلك الصحابي ويبيت في مأمن من خطب يحل بساحته، أما أننا ليصدق فينا المثل الفرنساوي: أشد تمسكا بالملك من الملك.
لكل ذي فكر رأي يراه، فإن كان صوابا فالفوز له وإن كان خطأ فلا جناح عليه، والمدارك درجات بعضها فوق بعض، ودركات بعضها دون بعض، وإن أمامنا لدستورا يشمل حكمه رقاب الأتقياء وغير الأتقياء، حسبنا ذلك هديا وحسبنا شرعا، البار أخونا والفاجر أخونا، ورحمة الله وسعت كل شيء.
نبئت أن رجالا من أهل الفضل جمعهم محفل أدب ليلة نشر استفتاء العلامة الدكتور شبلي شميل، فأخذ كل يظهر ما عنده، فقال قائل: إن الزهاوي رجل متبذل في دنياه، وقد كتب ما يعترض أصل الدين، وأرى أن نؤاخذ الحكومة العثمانية من غير هذه الوجهة، قلت هذا ينطق لسان حاله بقول ابن الصمة:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت
صفحه نامشخص