أخذ جيمي كتابه ودخل إلى حمامه وخلع ملابسه. نظر في ساعة يده فوجدها الثانية عشرة والربع. كان الليل ومدا. عندما أشعل الضوء جلس لوقت طويل على حافة السرير. أصابته الأصوات البعيدة لصافرات الإنذار القادمة من النهر بقشعريرة. وسمع من الشارع وقع أقدام، وأصوات رجال ونساء، وضحكات خفيضة مفعمة بالحيوية لأشخاص يذهبون إلى منازلهم أزواجا. كانت تدوي في الفونوغراف أغنية «وردة بالية» (سكوند هاند روز). استلقى على ظهره فوق غطاء السرير. ودخل الهواء عبر النافذة محملا بحموضة القمامة، ورائحة الجازولين المحترق، والمرور، والأرصفة المغبرة، والأجواء الخانقة للحشود في الغرف التي في حجم بيوت الحمام، حيث تتلوى أجساد الرجال والنساء وحيدة يعذبها الليل وبداية الصيف. استلقى ومقلتاه الملفوحتان بحرارة الجو تحدقان في السقف، وقد توهج جسده بحرارة راجفة مقلقلة كقطعة معدنية ملتهبة.
أيقظه صوت امرأة تهمس متلهفة، وكان ثمة شخص يدفع الباب فاتحا إياه. «لا أريد أن أراه. لا أريد أن أراه. أرجوك يا جيمي أن تذهب وتتحدث إليه. لا أريد أن أراه.» دخلت إلين أوجليثورب الغرفة وهي ملفوفة في ملاءة.
قام جيمي من فوق السرير متعثرا. «ما الأمر بحق السماء؟» «ألا توجد خزانة ملابس أو شيء من هذا القبيل هنا ... لن أتحدث إلى جوجو وهو في تلك الحالة.»
فرد جيمي ثياب نومه. «هناك خزانة عند مقدمة السرير.» «بالطبع ... حسنا يا جيمي لتكن لطيفا، تحدث معه وأخبره أن يرحل.»
سار جيمي مرتبكا إلى الغرفة الخارجية. سمع صوتا يصرخ من النافذة: «ساقطة، ساقطة.» كانت الأنوار مضاءة. كان ستان، وهو ملفوف كالهندي في بطانية رمادية ذات خطوط وردية، يجثم في وسط أريكتين قربتا لتصبحا سريرا واسعا. كان يحدق بغير انفعال في جون أوجليثورب الذي اتكأ عبر الجزء العلوي من النافذة يصرخ ويلوح بذراعيه ويزمجر كما لو كان في عرض «بانتش آند جودي». كان شعره متشابكا فوق عينيه، ولوح بإحدى يديه بعصا، وبالأخرى بقبعة ذات مسحة من لون القهوة بالقشدة. بمزيج من الإنجليزية واللاتينية: «أيتها الساقطة، تعالي هنا ... هي حالة تلبس ... حالة تلبس. لم يقدني إلهامي من فراغ لصعود سلم طوارئ شقة ليستير جونز.» توقف وحدق لدقيقة في جيمي بعينين مخمورتين واسعتين. «حسنا، ها هو الصحفي الشاب، بل صحفي الجرائد الصفراء، يبدو كالحمل الوديع، أليس كذلك؟ هل تعرف رأيي فيك؟ هل تريد أن تعرف رأيي فيك؟ أوه، لقد سمعت عنك من روث وكل هذه الأمور. أعلم أنك تظن نفسك أحد الخارقين وأنك بعيد عن كل ذلك ... ما رأيك في عملك كمومس مأجور للصحف العامة؟ ما رأيك في رخصة ممارسة الدعارة التي منحوها لك؟ الشيك النحاسي الذي يعطى سرا للصحفيين، تلك هي طبيعة عملك ... تحسب أن هذا كالعمل في التمثيل، في الفن، لا أعرف تلك الأمور. لقد سمعت رأيك في الممثلين وكل ذلك من روث.» «يا إلهي، يا سيد أوجليثورب، أجزم أنك مخطئ.» «لقد قرأت ولذت بالصمت. فأنا ممن يشاهدون في صمت. أعلم أن كل جملة ، وكل كلمة، وكل علامة ترقيم تافهة تظهر في الصحف العامة يطلع عليها، وتراجع، وتحذف وفقا لمصالح المعلنين وأصحاب السندات. إن معين الحياة الوطنية يسمم من منبعه.»
صاح ستان فجأة من فوق السرير: «أجل، أخبرهم.» نهض مصفقا بيديه. «أفضل أن أكون عامل مسرح، أقل عمال المسارح شأنا. أفضل أن أكون تلك الخادمة العجوز الواهنة القوى التي تمسح أرضية المسرح ... على أن أجلس جلسة مخملية في مكتب محرر أكبر جريدة يومية في المدينة. التمثيل مهنة شريفة، محترمة، وديعة، نبيلة.» انتهت الخطبة بغتة.
قال جيمي مربعا ذراعيه: «حسنا، لا أعلم ماذا تتوقع مني أن أفعل حيال هذا؟»
واصل أوجليثورب حديثه بصوت كصوت عواء حاد.
قال جيمي: «من الأفضل أن تذهب إلى المنزل.» «سأذهب، سأذهب حيث لا يوجد ساقطون ... حيث لا يوجد ساقطون رجالا كانوا أو نساء ... سأذهب في الليل الطويل.» «أتحسب أن بإمكانه العودة إلى المنزل سالما يا ستان؟»
كان ستان قد جلس على حافة السرير يهتز ضاحكا. هز كتفيه. «سيظل دمي في عنقك يا إلين للأبد ... للأبد، أتسمعينني؟ ... سأذهب في الليل حيث لا يجلس الناس ضاحكين وهازئين. أتظنين أنني لا أراك؟ ... إن حدث الأسوأ فلن يكون خطئي.»
صفحه نامشخص