دندن صوت امرأة من الطاولة المجاورة: «ولكن يا عزيزي، إنها دائما العقدة القديمة ذاتها. قد يصح الأمر مع الرجال ولكنه لا يمت للنساء بصلة» ... تبعه نغمات رجل منمقة بصوت أجش: «لقد زادت نسويتك حتى شكلت حاجزا منيعا.» «وماذا إذن إن كنت محبة لذاتي؟ الرب يعلم أنني عانيت من أجل ذلك.» «إنها النار التي تطهر يا تشارلي ...» كان جورج يتحدث، محاولا لفت انتباهها: «كيف حال جوجو الشهير؟» «أوه، دعنا لا نتحدث عنه.» «كلما قل كلامنا عنه كان ذلك أفضل، أليس كذلك ؟» «اسمع يا جورج، لا أريدك أن تسخر من جوجو؛ في جميع الأحوال هو زوجي حتى نفترق بالطلاق ... كلا، لا أريدك أن تضحك. على أي حال فأنت غر وبسيط لدرجة لا يمكنك معها فهمه. فجوجو رجل شديد التعقيد فضلا عن كونه شخصا مأساويا.» «بالله عليك دعينا لا نتحدث عن الأزواج والزوجات. المهم يا عزيزتي إلين هو أنني وأنت نجلس هنا معا دون أن يزعجنا أحد ... اسمعي، متى سنتقابل مرة أخرى، أعني نتقابل حقا ...» «لن نتعمق في أمرنا هذا، أليس كذلك يا جورج؟» ضحكت ضحكة هادئة وفمها في كأسها. «أوه، ولكني لدي الكثير لأقوله لك. أريد أن أسألك عن أشياء كثيرة للغاية.»
نظرت إليه ضاحكة ومعدلة من وضع قطعة صغيرة من تارت الكرز كانت قد تناولت منها قضمة واحدة بين سبابتها الوردية المربعة الطرف وإبهامها. «أهكذا تفعل عندما يكون لديك مذنب تعيس في منصة الشهود؟ كنت أظن الأمر أقرب إلى الآتي: أين كنت في ليلة الحادي والثلاثين من فبراير؟» «ولكني جاد للغاية، ذلك ما لا يمكنك فهمه، أو ما لا تريدين فهمه.»
وقف شاب بجوار الطاولة، مترنحا بعض الشيء، ينظر للأسفل إليهما. «مرحبا يا ستان، من أين أتيت عليك اللعنة؟» نظر بالدوين لأعلى إليه دون أن يبتسم. «اسمع يا سيد بالدوين، أعلم أن الأمر من الفظاظة بمكان، ولكن هل لي أن أجلس إلى طاولتك قليلا؟ فهناك شخص يبحث عني ولا يمكنني مقابلته. يا إلهي، تلك المرآة! ولكنهم لن يبحثوا عني أبدا إن رأوك.» «هذا يا سيدة أوجليثورب هو ستانوود إيميري، ابن الشريك الأساسي في شركتنا.» «أوه، من الرائع للغاية مقابلتك يا سيدة أوجليثورب. لقد رأيتك ليلة أمس، ولكنك لم تريني.» «هل حضرت العرض؟» «كدت أقفز فوق أقدام الحضور، لقد كنت رائعة للغاية.»
كانت له بشرة بنية متوردة، وعينان مهمومتان تقتربان نوعا ما من جسر أنفه الحاد رخو التكوين، وفم كبير لا يسكن أبدا، وشعر بني مموج يقف مستقيما لأعلى. نظرت إلين من أحدهما إلى الآخر مقهقهة في سرها. كان ثلاثتهم متيبسين في كراسيهم.
قالت: «لقد رأيت سيدة داندرين اليوم بعد الظهيرة. لقد أبهرتني كثيرا. فهكذا بالضبط أتخيل سيدة عظيمة على حصان أبيض.» «بخواتم في أصابع يديها وأجراس في أصابع قدميها، وسيصدر عنها الأذى أينما حلت.» ردد ستان ذلك سريعا بصوت منخفض للغاية يكاد يكون غير مسموع.
قالت إلين ضاحكة: «وستصدر عنها الموسيقى أينما حلت، أليست كذلك؟» «أقول دائما الأذى.»
سأل بالدوين بصوت جاف لا ينم عن ود: «حسنا، كيف حال الكلية؟»
قال ستان متورد الوجه: «أظنها لا تزال على وضعها. أود لو أحرقوها قبل أن أعود إليها.» نهض واقفا. «اعذرني يا سيد بالدوين ... فقد كان اقتحامي شديد الوقاحة.» عندما استدار مائلا نحو إلين، اشتمت رائحة أنفاسه المعبأة برذاذ الويسكي. «أرجوك أن تعذريني يا سيدة أوجليثورب.»
وجدت نفسها تمد يدها؛ فاعتصرتها بشدة يد جافة ونحيلة. خرج بخطى متأرجحة مصطدما بنادل أثناء مروره.
انفجر بالدوين في الحديث قائلا: «لا يمكنني استيعاب ذلك الجرو اللعين. إن قلب الهرم المسكين إيميري يعتصر عليه ألما. إنه شديد الذكاء ويتمتع بشخصية جيدة وكل تلك الأمور، غير أن كل ما يفعله هو السكر والتسبب في المشكلات ... أظن أن كل ما يحتاجه هو أن يذهب إلى العمل وأن يتحلى ببعض القيم. إن امتلاك الكثير من المال هو مشكلة غالبية صبية الكليات هؤلاء ... أوه، ولكن يا إلين حمدا للرب أننا أصبحنا وحدنا مجددا. لقد كنت أعمل بلا انقطاع طوال حياتي حتى منذ أن كان عمري 14 عاما. وقد حان الوقت الذي أريد فيه أن أضع جانبا كل ذلك قليلا. أريد أن أعيش وأن أسافر وأن أفكر وأن أكون سعيدا. لا يمكننا تحمل إيقاع وسط المدينة كما اعتدت تحمله. أريد أن أتعلم كيف ألعب، وكيف أخفف عن نفسي التوتر ... وهنا يأتي دورك.» «ولكني لن أعرض نفسي للخطر من أجل أحد.» ضحكت ورمش جفناها. «دعينا نذهب خارج البلاد إلى مكان ما هذا المساء. لقد كنت أختنق طوال اليوم في المكتب. إنني أكره يوم الأحد على أي حال.» «ولكن لدي بروفة.» «يمكنك التظاهر بالمرض. سأطلب سيارة عبر الهاتف.» «يا إلهي، هذا جوجو ... مرحبا جوجو»، ولوحت بقفازها من فوق رأسها.
صفحه نامشخص