149

زیر پرچم قرآن

تحت راية القرآن

ناشر

المكتبة العصرية-صيدا

محل انتشار

بيروت

مكة، فخرج حسان حتى أتى عمر فأخبره خبرهما، فقال: لا جرم والله لا يفوتانك! فإرسل في أثرهما فردا، وقال لحسان: أنشد؛ فأنشد حسان حاجته حتى قال له: اكتفيت؟ قال: نعم! قال: شأنكما الآن إن شئتما فارحلا وإن شئتما فأقيما. انتهى. ترك الأستاذ هذا النص الواضح الجلي ونقل رواية الأغاني وفيها زيادة وصنعة ولها توطئة وخاتمة، إذ جاءت بعد رواية ابن سلام بنحو مائة سنة واستخرج منها أن الأنصار كانوا يكتبون هجاءهم لقريش! ولكن يا أستاذ؛ كيف غفلتَ هذه الغفلة المطبقة بين صفحتين اثنتين.. وأين ما قلت في عصبية عمر؟ وكيف مالأ حسانًا على أكبر شعراء قريش وتركهُ يُنشد في هجاء قومه مما قاله في الجاهلية حتى اكتفى؛ أليس هذا هو العدلَ والقصاص: إنشادًا بإنشاد وكلامًا بكلام وإن في قريش؟ على أن ما قاله طه في عصبية عمر هو كاستنتاج الرافضة وعلى طريقهم في الرأي والفكر؛ إذ يقولون إن الصحابة بايعوا أبا بكر وتركوا عليًا، لا طاعة ولا رغبة بل عصبية منهم على عليٍّ، ورجوعًا إلى طباع الجاهلية؛ إذ كان علي قتل من عشائرهم بين يدي رسول الله ﷺ من قتل في الغزوات والفتوح؛ فليس يمحو الإسلام عندهم شيئًا، ولا يكون المؤمن إلا على أصله التاريخي وطبيعة الجاهلية، ويسقطون ما عدا ذلك من مظاهر النفس الإنسانية التي من أعظمها في الإسلام ذلك اليقين الديني وكان عجيبةَ العجائب وأنزل فيه الله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) . وليت طه يفهم معنى قوله؛ (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ) ولكن قلبه هو لوح ممسوح، ونعوذ بالله من خذلانه. ومتى تجرد الباحث في التاريخ الإسلامي "من دينه" فهو شيء واحد إن كان من الرافضة أو كان أستاذًا في الجامعة، لأن هذا التاريخ إنما يقوم في أصله على معان لا يعقلها ولا يصدق بها من يجرد نفسه منها، وكيف يعقل الجبان المنخوب القلب أفعال بطل من أبطال الدنيا الذين شذت فيهم طبيعة القوة والجرأة فيقال في أحدهم إنه يحمل مائة قنطار وأنه يقطع سلاسل من الحديد بيديه وأنه يصلب رجلًا كطه حسين في خنصره. . .؟

1 / 153