مقدمة التحقيق
دور علم الفقه وأطواره
عندما يؤمن الإنسان بربه ويعترف له بالعبودية يكون لزاما عليه أن يترجم عبوديته إلى أفعال وممارسات، فيسير أفعاله وأقواله وسائر تصرفاته وفق توجيهات السماء.
ويعتبر فقه الشريعة الإسلامية الوسيلة المثلى لتحقيق ذلك، فهو بمثابة دستور متكامل إذا تحرك الإنسان من خلاله انسجمت سائر حركاته مع التعاليم الإلهية التي هو مطالب بمراعاتها، وهو السبيل ليس إلى تنظيم حياة الإنسان في نفسه ومع أبناء جنسه فحسب، بل وإلى تنظيم حياته مع محيطه وبيئته، فالفقه قد رسم له كل شيء في حياته حتى كيفية التعامل مع المخلوقات الصماء البكماء.
ومما لاشك فيه أن فقه الشريعة الإسلامية كغيره من العلوم والمعارف مر بأطوار متعددة وكانت له أدوار مختلفة، بل قد يكون أكثر العلوم الإسلامية حركة عبر التاريخ، ذلك لأن المطلوب منه أن يواكب تغير الزمن ويقدم حلولا لكل ما يستجد في حياة الناس.
ففي عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت تعاليم الشريعة تصل إلى الناس غضة طرية عن طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد كان الصحابة يأخذون عنه فقههم مباشرة، فيتعلمون منه جميع ما يحتاجون إليه، ويسألونه عن كل ما يلتبس عليهم، وبذلك سقط عنهم كثير من الكلفة في تمييز الأخبار وامتحان الناقلين، والتمحيص والتأمل في دلالات الألفاظ والتفتيش عن المعاني.
صفحه ۲