ولم يزل يحكم بين الناس بالعدل ويسير فيهم سيرة الأنبياء ويقضي حوائج المحتاجين ويدفع عن المظلومين ويحسن إلى المحرومين، ويقرب العلماء ويجالس الفقراء، ويستحث ذوي الكفاءات والخبرة على العمل وإفادة المجتمع، ولم يأل جهدا في ترسيخ المفاهيم الإسلامية ونشر المعارف الدينية، وتنشيط النهضة الثقافية التي تميز بها عصره وعصر أخيه من قبله في الجيل والديلم.
ونال الإمام أبو طالب إعجاب الكثيرين بسياسته كحاكم، وبثقافته كعالم، وبأسلوبه كمؤلف، وعبر كل عن جوانب إعجابه، وكان من مظاهر ذلك الإعجاب مايلي:
اشتهر عن الصاحب بن عباد أنه كان كثير الإعجاب بالسيدين الأخوين المؤيد بالله وأبي طالب وكان يديم مجالستهما، ويقول عنهما: (( ماتحت الفرقدين مثل الأخوين )) (1) .
وقال الحاكم الجشمي: (( كان شيخنا أبو الحسن علي بن عبد الله اختلف إليه مدة بجرجان والسيد أبو القاسم الحسني يخرج من مجلسه فيحكيان عن علمه وورعه واجتهاده وعبادته وخصاله الحميدة وسيرته المرضية شيئا عجيبا يليق بمثل ذلك الصدر)) (2).
وقال: (( كان جامعا لشرائط الإمامة لم يكن في عصره مثله مبرزا في أنواع العلوم )) (3).
وقال: (( كلامه عليه مسحة من العلم الإلهي، وجذوة من الكلام النبوي)) (4).
وقال المنصور بالله عبد الله بن حمزة: ((لم يبق من فنون العلم فن إلا طار في أرجائه وسبح في أفنائه )) (5) .
وقال الشهيد حميد: (( كان عليه السلام في الورع والزهادة والفضل والعبادة على أبلغ الوجوه وأحسنها )) (6) .
صفحه ۱۶