قال الشهيد حميد: (( كان عليه السلام قد نشأ على طريقة يحكي في شرفها جوهره ويحاكي بفضلها عنصره، وكان قد قرأ على السيد أبي العباس الحسني عليه السلام فقه العترة عليهم السلام حتى لحج في غماره، ووصل قعر بحاره، وقرأ في الكلام على الشيخ أبي عبد الله البصري فاحتوى على فرائده وأحاط معرفة بجليه وغرائبه، وكذلك قرأ عليه في أصول الفقه أيضا ولقي غيره من الشيوخ، وأخذ عنهم حتى أضحى في فنون العلم بحرا يتغطمط تياره، ويتلاطم زخاره )) (1) .
فما أن بلغ سن الرشد ومرحلة الشباب حتى زاحم مشائخ العلم في ميدان المعارف، ونافس أرباب الحكمة والأدب، وقارع بالحجة فقهاء الأمصار، ورحل في طلب العلوم إلى بغداد، ثم رجع وليس له نظير ودرس بجرجان (2)، وانتشر صيته كانتشار ضوء النهار، فألف وشعر، وأفتى وناظر، وكان كما قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة: ((لم يبق في فنون العلم فن إلا طار في أرجائه، وسبح في أثنائه)) (3).
صفحه ۱۴