المبحث الثاني فيما يعد قبوله تقليدا وقبول المراسيل
في الجرح والتعديل
قال مقبل ( ص 111 ) وما بعدها ما لفظه: وهو ينقل لنا من الشفاء وغيره من الكتب التي ليس لها أسانيد، لأنه لا يعلم أن أئمتنا أهل السنة كعبد الله بن المبارك، وشعبة بن الحجاج، وأحمد بن حنبل، والبخاري لا يقبلون الحديث إلا بإسناد، ثم ينظرون في ذلك الإسناد، أرجاله ثقات ؟ وهل هو متصل ؟ وهل هو سالم من العلة والشذوذ ؟ ورحم الله ابن المبارك إذ يقول: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. فهؤلاء هم أئمتنا، وهم قدوتنا، وعلى حبهم وسلوك طريقهم نحيا ونموت إن شاء الله.
والجواب: إنك تقبل المراسيل في الجرح والتعديل، وعليهما ينبني إسقاط الرواية وتصحيحها، لأن السند للحديث إذا لم يعرف رجاله لا يكون حجة، وإذا كان لا يثبت إلا بالسند، فكذلك الجرح والتعديل لا يثبتان إلا بالسند، لأنه يحتمل أن يكون غير صحيح. فقد وقعت فيما تعيبه من حيث التقليد ومن حيث قبول المرسل. مثال ذلك في ( ص 180 ): « والآن أذكر لك كلام المحدثين في أبي خالد، حتى يظهر لك رميه للمحدثين بما لم يقولوا، وحتى يتضح لك أن العمل بالأحاديث الموجودة في المجموع مشكل جدا، حتى يعلم من خرجه من علماء الحديث، قال الذهبي(رحمه الله) في ميزان الاعتدال: عمرو بن خالد القرشي، كوفي أبو خالد، تحول إلى واسط، قال وكيع: كان في جوارنا يضع الحديث، فلما فطن له تحول إلى واسط. وقال معلى بن منصور: عن أبي عوانة، كان عمرو بن خالد يشتري الصحف من الصيادلة ويحدث بها ».
فأخبرنا: أين إسناد هذا الجرح وما صحته ؟ فقد جمعت بين التقليد تارة في موضع، وقبول المراسيل تارة أخرى في موضع آخر، وتارة تجمع بين الأمرين في موضع واحد.
صفحه ۱۱