المرض نذير الموت
ثم إذا مرض الإنسان فينبغي له أن يأخذ في التوبة، والإكثار من الاستغفار ومن الذكر لله، والاعتذار إليه من سالف إساءاته وغفلاته، فإنه لا يدري لعله يموت من مرضه ذلك، ولعله قد حضره الأجل، فيختم عمله وأيام عمره بالخيرات فإن الأعمال بخواتيمها.
والأمراض مذكرات بالآخرة، وبالرجوع إلى الله تعالى ، وليوص بما يحتاج إلى الوصية به، مما يهمه من أمور آخرته ودنياه، سيما من حقوق الخلق وتبعاتهم، فإنها شديدة والخلاص منها عسير.
وليكن في مرضه على غاية ونهاية من حسن الظن بالله تعالى. قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى))، وليكن ذلك هو الغالب على قلبه، والمستولي عليه، فإنه تعالى يقول: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني)).
ودخل صلوات الله وسلامه عليه على مريض شاب يعوده، فقال: ((كيف تجدك؟))، فقال: أرجو ربي، وأخاف ذنوبي، فقال عليه الصلاة والسلام: ((ما اجتمعا في قلب مسلم في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف)).
ومع ذلك ينبغي أن يكون حال الرجاء هو الغالب على المريض، سيما إذا ظهرت عليه علامات الموت، وقرب حضور الأجل، ليموت على حسن الظن بالله، وقوة الرجاء في كرمه، وسعة رحمته، وحب لقائه.
وفي الحديث: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)). وقد جاء في معناه: أن العبد المسلم إذا حضره الموت، بشر برحمة الله وفضله فأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وأن المنافق إذا حضره الموت، بشر بعذاب الله، فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه.
صفحه ۷۵