لو كان حبك صادقا لأطعته .... إن المحب لمن يحب مطيع فإذا لم تكن مفارقة الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال على أنواعها، ولا خشية اغتصابها وفسادها عذر ولا رخصة في ترك طاعة الله وطاعة رسوله والجهاد في سبيله فبطريق الأولى أن لا يكون مراعاة صيانتها من الانتهاب لها وفسادها عذرا، ولا رخصة في فعل معصية، وهي تقوية الظالم على ظلمه؛ لأنه ترك طاعة الله تعالى، وهي: مباينة الظالمين، والإنفصال عنهم، وترك للجهاد في سبيله، وهو نهيهم عن المنكر بالحد إذا لم يؤثر ما هو دونه مع زيادة تقويتهم بما يسلمون إليهم، وذلك لا يخفى على عاقل، فتسليم بعض المال ليسلم الكثير إذا كان يؤدي إلى قوة ظلم الظالم فسق بصريح قوله تعالى في آخر الآية: {والله لا يهدي القوم الفاسقين}[المائدة:108].
وقولهم: ليدفعوا بذلك محضورا، وهو اغتصاب أموالهم وإفسادها ضلال عن الحق بين؛ لأنهم ولو دفعوا ذلك فقد جلبوا به من المحظورات ما لا يحصى مما هو أعظم من ذلك وأكثر، كقتل النفوس المحرمة [بغير الحق]، وتعطيل الشرائع مع أن ما ذكروه واجب عليهم تركه إذا لم يتمكنوا من حمله ولا من إفساده بأنفسهم لئلا ينتفع به الظالمون بنص قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم...} الآية.
صفحه ۳۶۱