فالصواب كان له أن يقول من القول فى ذلك وفى غيره ما هو الصحيح عنده
وليس إنكاره ما أنكر من ذلك إن كان صحيحا عنه ما روى فى ذلك عنه بدافع شهادة من شهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يخبر عن نفسه أنه صلى فى المسجد الأقصى ليلة أسرى به وأن الأنبياء جمعوا له هنالك فصلى بهم
وذلك أن العدل إذا شهد شهادة على شهود عليه لم تبطل شهادته عند أحد من علماء الأمة بقول قائل لا صحة لهذه الشهادة أو لا حقيقة لها إذا لم يكن لقائل ذلك حجة غير قوله لا صحة لها ولا حقيقة
فحذيفة رحمة الله عليه إنما احتج لقوله إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل فى المسجد الأقصى ليلة أسرى به على من أنكر قوله بأن الله تعالى ذكره لم يذكر فى كتابه أنه صلى فيه وإنما ذكر فيه إسراء به فقال
﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا﴾
سورة الإسراء 1
وليس للقائل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه تلك الليلة فى ذلك من الحجة إلا وفيه لمن قال إنه صلى فيه مثلها وذلك أنه لا خبر فيه من الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم على أنه صلى فيه ولا أنه نزل عن البراق ولا أنه لم ينزل عنه ولا أنه ربطه ولا أنه لم يربطه وإنما فيه الخبر عن أنه أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته
وإنما قال من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فى المسجد الأقصى تلك الليلة رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبرا عنه أنه قال صليت فيه وليس فى خبره عن نفسه بذلك خلاف لشىء من إخبار الله عنه الذى ذكره فى قوله
﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله﴾
بل بأن يكون ذلك تحقيقا لما فى هذه الآية أشبه من أن يكون له خلافا
صفحه ۴۴۸