جواب ثالث: وهو أن الذي نقل عن أبي عبد الله أنه أجاب فيه باختلاف ولا يتأتى له فيه هو ما ينبغي كون مذهب منه ولا سمى ذلك لنا نقضا، إذ أدى جميع كل ذلك في جوابيه كان سرا بالبيان مقصورا فيجب أن يكون القائل بالقولين على هذا الحد وأنهم لا ينسبون إليه منها قولا إلا ما كان منه بالبيان فيه مقصورا، وهذا إن قالوا به أفضى إلى إسقاط المذهب إذ ليس من مسائلهم مسألة عرية عن قولين، أو اختلاف حالين وتنزيل وجهين ولو عدهم ما يقطعون به في علمهم وشرح كتابهم لما كان ذلك إلا يسيرا، والذي يقطع به الشافعي قولا واحدا لا بد أن يطلبوا له فيها قولا ثانيا، والذي عنه فيه القولين لا يكتمون بذلك دون أن يخرجوا له في ذلك حالين، وتعليق على أحد القولين حتى إنه إذا تأمل أمرهم في المذهب كانوا لأنفسهم وبآرائهم وما يصح له ويتوجه عندهم متفقين، ومذهب الشافعي فيما بينهم كالغريب، وإذا ثبت هذا كان شتان ما بينهما.
جواب رابع: وهو أن أبا عبد الله إنما أجاب بالقولين عن الصحابة اكتفاءا بما ثبت عنه من البيان يوجه الجواب في الحادثة إذا اختلفت فيها الصحابة وقد قررنا أصل مسألة الكتاب على ذلك وكان وإن أجاب بالاختلاف فإنه مستقر في مذهبه القطع بأحد طرفي الجواب وليس ذلك في جواب الشافعي بالقولين لأنه لا بيان له في تمييز مذهبه من القولين.
جواب خامس: وهو أننا وجدنا الجواب بأقاويل الصحابة فائدته لا غنية عنها إذ قول الصحابة دين الله تعالى لا يسع عالم أن يجهل ما عن الصحابة مقولا في الحادثة، وليس كذلك الموات بالقولين لأنه لا يموه في معرفة من لا حجة في قوله.
جواب سادس: وهو إنا وجدنا الصحابة لا تخرج عن جملتها ولا خاله أن أحدهما عين الإصابة فيه حتما، وليس كذلك في القولين إذا كان لمن لا حجة في مقالته إذ ذلك يجوز أن يكونا جميعا فاسدين وإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما وبالله التوفيق.
1 / 62