البول وكثيره؟ قلنا : للتبيين بحمد الله المنير ، ولأوضح بيان قيل : بمثله في تفسير ، لأن الله سبحانه حرم قليل البول وكثيره ، فألزمنا كل من توضأ غسله وتطهيره ، وأنه لم يحرم من الدم إلا ما كان مسفوحا ، فكفى في هذا فيما فرقنا بينه وضوحا. والمسفوح من الدماء ، من كل ما سال أو قطر ، أو جرى فتحدر ، فلولا أن المحرم من الدماء هو المسفوح بعينه ، وأن الله سبحانه بين ذلك وشرحه بحكمته وتبيينه ، لما جد الرسول عليه السلام ولا غيره ممن أكل لحما ، أن يكون في أكله له معه دما ، لأنه ليس من لحم قليل ولا كثير ، لا من الأنعام ولا من الطير ، إلا وبين أضعافه لا محالة دم ، فسبحان من حكم فيه حكم من يعلم.
فلم يحرمه تبارك وتعالى منها تحريما مبهما ، فيكون بذلك لما أحل من بهيمة الأنعام محرما ، فيتناقض أمره فيه وحكمه ، ولا يفهم عنه محلله أو محرمه ، ولكنه فرق بينه سبحانه ففصله ، ونزل كل حرام منه وحلال منزله ، وليس في شيء منه تقصير ولا فرط ، ولا يعرض لأحد مع حسن نظر فيه حيرة ولا غلط. فقال سبحانه : ( إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ) [الأنعام : 145] ، فبين تحريمه فيه بيانا مشروحا ، فهذا ما به فرقنا بين قليل العذرة والبول ، وله ومن أجله صرنا فيه إلى ما صرنا إليه من القول ، وكل شيء من الدماء كلها وإن قل كان في عضو من أعضاء الوضوء ، غسل ذلك كله أو مسح حتى ينقى منه جميع ذلك العضو ، فلا يرى منه فيه أثر ، ولا يبقى فيه منه دنس ولا قذر ، لأن الله سبحانه أمر بغسله ، فأوجب الغسل الذي هو الانقاء على كله.
القول في النفاس
وأوجبنا الغسل في النفاس كما أوجبنا في الحيض سوءا ، لأن النفاس محيض وإن اختلف به وفيه الأسماء.
وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المحيض واختلاف أسمائه ، أنه قال لمرة كانت معه من نسائه ، فطمثت ، فوثبت فقال لها صلى الله عليه : (مالك أنفست) (1)
صفحه ۵۰۷