کتاب الطهاره

مرتضی انصاری d. 1281 AH
90

وحكى عنه في حاشية أخرى أنه قال إن الظاهر بناء على ما ذكره الشارح على مذهب من يقول إن في وقت العبادة الواجبة لا يصح الاتيان بالمستحب انتهى واعترض جمال الدين في حاشية الروضة بان هذا التحقيق ذكره الشارح وغيره في خصوص الوضوء ولو جعل بنائه على ما ذكره فلا اختصاص له بالوضوء انتهى وقال بعد حكاية الحاشية الأولى عن السلطان ولا يخفى ما فيه لأنه إذا وجب عليه الوضوء لوجوب الصلاة فكيف يكون مستحبا ولعل مراده ان للوضوء في كل وقت غاية يستحب الوضوء لها كالكون على الطهارة فحينئذ يجوز للمكلف الاتيان بالوضوء المندوب لها وان وجب أيضا عليه لغاية أخرى والمصباح فقصد الندب فيه ليس بمعنى كونه مندوبه في نفسه مطلقا حتى يكون فاسدا باعتبار كونه واجبا بل بمعنى مندوبا لتلك الغاية والحاصل انه يقصد الوضوء ندبا للكون على الطهارة لكون الوضوء مندوبا له من غير قصد إلى كونه واجبا عليه من جهة أخرى ولا دليل على عدم جواز الوضوء على هذا الوجه واعلم أن القول بان الوضوء في حال واحد لا يكون واجبا وندبا مشهور بين الأصحاب والظاهر أن مرادهم انه لا يجوز الوضوء بقصد الندب مع اشتغال الذمة بواجب مشروط به ويتوجه عليه ما أشرنا إليه الا ان يقال إن بناء كلامهم على اشتراط قصد الوجوب والندب والنية بمعنى وجوب قصد حال الفعل في نفسه مطلقا من غير نظر إلى خصوص غاية إذ لا شك في وجوب الوضوء عليه حال اشتغال ذمته بمشروط به فإذا وجب عليه ولم يقصد ذلك الندب باعتبار بعض غاياته لم يصح لكن اثبات شرط قصد الوجوب والندب على هذا الوجه دونه خرط القتاد انتهى ثم حكى عن والده قده في شرح الدروس جواز الوضوء ندبا مع اشتغال ذمته بموجب الوضوء فان جوزنا التداخل كما هو الظاهر يكون كافيا عن الواجب أيضا والا فلابد من وضوء اخر للواجب انتهى ولا يخفى ان مبنى كلام والده قده كالسلطان في الحاشية الأولى على تعدد حقيقة الواجب والمندوب ومبنى كلام المشهور على منع الندب الفعلي ومبنى كلام جمال الدين قده على ما ذكرنا من ملاحظة جهة الندب فتدبر (واما) المقام الثالث فاعلم أن ظاهرا المشهور انه متى وقع الوضوء الواجب الرافع للحدث المبيح للصلاة يترتب عليه اثره وهو ارتفاع الحدث منجرا من غير تعلق على تحقق الصلاة بعده فان المقدمة إذا تحققت، تحققت واجبة ويترتب عليها احكام الواجب وان لم يحصل ذو المقدمة في الخارج وقد خالف هنا بعض في المسألة الفرعية والأصولية في هذا المقام إما في الأولى فقد حكى في الحدائق عمن تقدم عنه انه لا يجوز فعل الوضوء لمن لم يكن من نيته فعل الصلاة وان لو كان من نيته فعل الصلاة ولم يفعلها تبين بطلانه انتهى واما في المسألة الأصولية فقد حكى بعض المعاصرين في حاشيته على المعالم انه ربما يتوهم ان المقدمة انما تتصف بالوجوب إذا تعقبها ذو المقدمة وتوصل بها إليه فإذا لم يحصل ذو المقدمة لم يكن المقدمة موجودة على صفة الوجوب وقد زيفه المحشى الحاكي الا انه ارتضاه بعض اخر من المعاصرين وبالغ فيه في مواضع من كتابه وان عدم تحقق ذي المقدمة يكشف عن عدم اتصاف المقدمة بالوجوب فقاس المقدمات بلوازم الواجب في أنها إذا لاحظها الطالب بوصف التجرد والانفراد عن الواجب لم يكن مطلوبة له أصلا هذا ولكن الحق ما عليه المشهور في المسئلتين إما المسألة الفرعية فظاهرهم الاتفاق على أن الوضوء بنية رفع الحدث أو استباحة الصلاة متى وقع على وجهه جامعا لشرايط الصحة ارتفع به الحدث وان لم يتحقق معه الصلاة التي نواها بل مطلق الصلاة ويدل على مضافا إلى أصالة عدم اشتراط الصحة بتعقب المشروط قوله (ع) إذا توضأ فإياك ان تحدث وضوءا حتى تستيقن انك قد أحدثت ويحتمل بعيدا استناد هذا القائل إلى ما دل على أن الطهور ثلث الصلاة ونحوه مما دل على كونه بمنزلة الجزء حتى في بطلانه إذا لم يلحقه باقي الأجزاء لكنه كما ترى واما المسألة الأصولية فقد تحققت في محلها وان وجوب المقدمة لمعنى موجود فيها بالفعل غير معلق على حصول ذيلها وهو توقف الواجب عليها وأداء تركها إلى تركه فكلما تحقق في الخارج اختيارا بعد الطلب خصوصا لداعى الطلب فقد وقعت مطلوبة نعم لصاحب المعالم في مسألة الضد كلام في وجوب المقدمة فليراجع وكيف كان فالظاهر أن الوضوء المنوي به الواجب المراد به الاتيان بصلاة أو غيرها مما يتوقف عليه يقع رافعا للحدث وان لم يحصل الفعل بعده الأمر الثالث اشتراط نية الرفع عند القايل به لا يتعقل في الوضوء المجامع للحدث الأكبر كوضوء الجنب والحايض ولا في وضوء المتطهر كالمتجدد وهل يختص بالوضوء الذي يراد لأجل الصلاة وشبهها مما يتوقف على الطهارة أو يعم مطلق الوضوء الصادر من المحدث بالحدث الأصغر ولو لغير ما يتوقف على الطهارة كالتلاوة ودخول المساجد ونحوهما فلا يترتب عليها غايتها بدون نية الرفع ظاهر جماعة من المتأخرين كصاحب المدارك وغيره هو الأول حيث عنونوا الخلاف في جواز الدخول في الصلاة بالوضوءات المندوبة واستدلالهم على الجواز بدعوى ان مطلق الوضوء المشروع رافع للحدث والاعتراض على هذا الاستدلال بان المشروعية لا يستلزم رفع الحدث كما في الأغسال المندوبة إذ لو اعتبر في صحتها نية رفع الحدث لم يكن وجه للخلاف في جواز الدخول بها في الصلاة لان الحدث عندهم معنى واحد إذا ارتفع جاز الصلاة ولم يكن وجه للاستدلال على الجواز بالدعوى المذكورة ولا للاعتراض عليه بان نية الرفع متحققة بالفرض وهذا هو الظاهر من كلام الحلى في السرائر أيضا حيث قال اجماعنا منعقد على أنه لا يستباح الصلاة الا بنيته رفع الحدث أو استباحة الصلاة فاما ان توضأ الانسان بنية دخول المساجد أو الكون على طهارة أو الاخذ في الحوائج لان الانسان يستحب له في هذه الأحوال طهارة فلا يرتفع بذلك حدثه ولا يستبيح بذلك الدخول في الصلاة انتهى و

صفحه ۹۰