کتاب الطهاره

مرتضی انصاری d. 1281 AH
35

بتعدد الاشتغال وهو يقضى بتعدد الامتثال وقد يخدش في هذا الدليل تارة بمنع المقدمة الأولى فان الأسباب الشرعية لا يجب ان يكون مؤثرات حقيقة بل قد يكون معرفات يجوز تعددهما على حكم واحد شخصي كما إذا اجتمع سببان لنزح جميع الماء والمصباح فإذا كان ظاهر الدليل اتحاد المسبب ولو نوعا كما هو المفروض فلا حاجة إلى ارتكاب تعدده الشخصي بتعدد الاشخاص ولو نوعا بل ينبغي حمل السبب على المعرف ويشهد له انه لا يفهم عرفا فرق بين ورود الأسباب المتعددة لحكم شخصي مثل قوله إن زنى زيد فاقتلوه وان ارتد فاقتلوه وبين ورودها الحكم واحد بالنوع قابل للتعدد الشخصي مثل ان قدم زيد من السفر فأضفه وان زارك في بيتك فأضفه ويضعف بان تعدد الواحد النوعي شخصا بسبب تعدد علل وجوده ليس تصرفا في اللفظ فإن كان مقتضى اطلاق الأدلة سببيه جميع مصاديق السبب من غير فرق بين المسبوق بسبب اخر وغيره لزم عقلا تعدد الحكم الواحد بأنوع في الخارج بخلاف صرف ظاهر الدليل عن التأثير المستقل واخرى بمنع المقدمة الثانية نظر إلى أن اللازم من تعدد السبب تعدد الوجوب وهو لا يقتضى تعدد الواجب بل قد يجتمع الايجابات المتعددة في واجب واحد التأكيد أو لجهات متعددة تقتضيه كما في مثال قتل زيد المتقدم والأوامر المتعددة بالصلاة والزكاة وغيرهما ويضعف بان المسبب للأسباب المتعددة ليس هو الطلب الصادر من المتكلم ضرورة حصوله قبل وجود السبب بنفس الكلام الدال على السببية بل المسبب المتأخر عن سببه هو اشتغال الذمة بالفعل الفلاني ومن المعلوم ان تعدد الاشتغال لا يكون الا مع تعدد المشتغل به كما لوجدت اشتغال ذمة درهم أو بضيافة مرتين فإنه لا اشكال في تعدد الفعل ودعوى ان المتحقق بعد الشرط هو تنجز الطلب فهو بمثابة تكرار الطلب المنجز بقوله اضرب اضرب مدفوعة بعد تسليم ظهور التأكيد في المثال المذكور بالفرق بينهما وفهم اشتغال الذمة فيما نحن فيه على نحو ما يفهم عند افتراق أحد السببين عن الأخر والسر في ذلك أن المستفاد من أدلة السببية كون السبب سببا لنفس الفعل ومؤثرا فيه في نظر الامر وهو الذي دعاه إلى الامر به عنده فلا يرضى بتخلفه عنه فاللازم من تعدد السبب وتعدد التأثير تعدد الفعل لا مجرد تعدد طلبه فافهم فإنه لا يخلو عن دقة وثالثة بمنع المقدمة الثالثة بناء على كفاية الفعل الواحد لامتثال تكليفين وان علم تعددهما كما في الأغسال في ظاهر جماعة وأشار إليه العلامة هنا في المنتهى وفى ان الظاهر عدم كفاية الفعل الواحد في تحقق الامتثال ولا أقل من الشك فلا يتيقن الخروج من العهدة ولا اطلاق هنا يتمسك به إذ لا كلام في كفاية أي فرد يكون انما الكلام في صدق الإطاعة والامتثال المتكلفين بايجاد واحد فافهم هذا مع ما عرفت من أن السبب مؤثر في وجود الفعل في نظر الامر فلا بد من تعدده ورابعة بان القاعدة وان اقتضت عدم التداخل الا ان من المعلوم في خصوص المقام ان النزح لإزالة النجاسة الحاصلة من ملاقاة ما وقع فيه والنجاسة وان تعددت افرادها كما يكشف عن ذلك اختلاف كيفية ازالتها الا ان الثابت من ذلك كفاية مزيل أحد الافراد الإزالة الفرد الخلا المساوى له في كيفيتها فيكفي مزيل واحد للنجاسة الحاصلة من وقوع شاة و كلب لان الفرض اتحاد نجاستهما لاتحاد مزيلهما وكفاية مزيل الأشد لإزالة الأضعف فيتداخل الأقل مقدارا تحت الأكثر ويضعف بان ذلك مبنى على تداخل النجاسات أضعفها في أشدها كما في غير هذا المقام لكن ذلك غير معلوم في المقام ولا يجوز قياسه على غيره كما يكشف عن ذلك الفرق فيه بين المتفقات في غيره والجمع فيه بين المختلفات فالمتيقن من اجتماع النجسين تضاعف النجاسة وصيرورة النجسين الواردين بمنزلة نجس واحد قدر له مجموع مقدريهما ولولا اطلاق الأدلة في كفاية مقدر كل نجس له ولو حال انضمام نجس اخر وضعف دعوى ظهورها في وقوع تلك النجاسة لا غير كان ينبغي الرجوع عند انضمام النجاسات إلى حكم ما لا نص فيه وهو نزح الجميع كما سيأتي ثم إن المخالف في المسألة العلامة في جملة من كتبه واستدل في المنتهى بان بفعل الأكثر يمتثل الامرين فيحصل الأجزاء ثم اعترض على نفسه بلزوم اجتماع علل متعددة على معلول واحد ودفعه بأنه لا استحالة في اجتماع المعرفات وظاهر دليله منع المقدمة الثالثة للدليل المتقدم وظاهر اعتراضه وجوابه منع المقدمة الأولى وقد عرفت ما عندنا ومما ذكرنا من الدليل يظهر انه لا فرق بين قوع النجسين مجتمعين أو متعاقبين في وجوب تضعيف النزح وانه لا ينبغي الاشكال في تضعيفه بوقوع نجسين مع التماثل بشرط عدهما في العرف فردين لحصول الفصل بينهما على وجه يصدق تعدد الوقوع فان الدليل المذكورات فيه بعينه حتى فيما إذا كان المتكرر فردين أو افراد أعلق المقدر على الطبيعة الصادقة عليها وعلى الفرد الواحد كالخمر والبول ودعوى القطع بعدم الفرق في الحكم بين مقدار من البول وقع دفعة أو وقع كل جزء منه دفعة وانا نفهم من أدلة وقوع هذه الطبايع ان السبب وجودها في البئر ولو بوقعات متعددة ممنوعة فالقاعدة المتقدمة من سببية كل جزء وقوع المقدر جارية هنا أيضا إذا الموجود أولا من مصاديق الطبيعة مؤثر تام باعتبار تحقق الطبيعة فيه فإذا وجد فيه ثانيا كان مؤثر تاما مستقلا كالأول فلا بد له من اثر غير الأثر المتقدم عليه إذ لا يعقل تأثير المتأخر في المتقدم وقد ذكر بعض المعاصرين في الجواب عن ذلك بعد الاعتراف به ان الدليل لما دل على أن العذرة ينزح لها خمسون دلوا وكانت مهية صادقة على القليل والكثير واشتغل الذمة بالنزح بالوقوع الأول وجاء الوقوع الثاني انقلب الفرد الأول إلى الثاني فصارت مصداقا واحد للماهية وهكذا كلما يزداد فيدخل تحت قوله (ع) العذرة المذابة ينزح لها خمسون وليس هذا الا كتعداد النوع

صفحه ۳۵