تفسیر قرآن
تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)
پژوهشگر
مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان
ناشر
دار ومكتبة الهلال
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٠ هـ
محل انتشار
بيروت
المغضوب عليهم والضالين في مقابلة المهتدين المنعم عليهم. وهذا كثير في القرآن: يقرن بين الضلال والشقاء، وبين الهدى والفلاح. فالثاني كقوله:
٢: ٥ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وقوله:
٦: ٨٢ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ والأول كقوله تعالى: ٥٤:
٤٧ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ وقوله: ٢: ٧ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وقد جمع سبحانه بين الأمور الأربعة في قوله: ٢٠: ١٢٤ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى فهذا الهدى والسعادة. ثم قال:
٢٠: ١٢٥ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى. قالَ: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى، وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا؟ قالَ: كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها، وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى
فذكر الضلال والشقاء.
فالهدى والسعادة متلازمان. والضلال والشقاء متلازمان.
فصل
وذكر الصراط المستقيم منفردا، معرفا تعريفين: تعريفا باللام، وتعريفا بالإضافة. وذلك يفيد تعيّنه واختصاصه، وأنه صراط واحد. وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها، كقوله: ٦:
١٥٣ وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ فوحّد لفظ الصراط وسبيله. وجمع السبل المخالفة له.
وقال ابن مسعود: «خطّ لنا رسول الله ﷺ خطّا، وقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل، وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «١»»
وهذا لأن
_________
(١) أخرجه الترمذي برقم ٢٤٥٤ وقال: خطا مربعا، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٣١٨.
1 / 18