〈ومرارة الثمر تنشأ عن كون الحرارة والرطوبة لم تتما عملية الطبخ (فالبرد والجفاف يمنعان من إتمام هذه العملية)، فيصبح الثمر مرا. ويتضح هذا من كون ما هو مر إذا وضع على النار أصبح حلوا. والأشجار التى تنمو فى المياه المرة تحمل ثمرا حلوا، لأن الملوحة بمعونة حرارة الشمس تجذب ما هو من صفتها، أى البرودة والجفاف، فتظهر السوائل الحلوة فى داخل الشجرة، ويصبح قلب الشجرة حارا حينما تشرق الشمس عليه باستمرار، وبعد هذا يصبح طعم الثمرة مرا، فاذا تم الطبخ انحلت المرارة تدريجيا حتى تختفى، وهنالك تظهر الحلاوة. وتبعا لهذا تصير الثمرة حلوة، بينما الأوراق وأطراف الشجرة تكون حامضة. فاذا تم الطبخ، صارت الثمرة مرة: وهذا راجع إلى إفراط الحرارة وقلة الرطوبة. ثم تزول الرطوبة، وترفع الثمرة الحرارة، ولهذا تصبح الثمرة مرة، والأحجار فى الثمرة تكون هرمية الشكل بسبب جذب الحرارة إلى أعلى وجذب البرودة إلى أسفل وكذلك الرطوبة التى من طبيعة الماء المر؛ وتبقى الرطوبة فى جذع الشجرة الذى يغلظ بينما تدق أطرافها. وإذا غرست الأشجار فى أرض معتدلة تسرع فى الطبخ قبل زمان الربيع، وذلك لأنه إذا كانت الحرارة معتدلة والرطوبة قد ظهرت والجو صحوا، فان الثمرة لا تحتاج إلى حرارة كثيرة خلال عملية الطبخ. ولهذا فان الطبخ يتم سريعا ويقع قبل أيام الربيع. ومرارة الطعم أو غلظه تغلب فى الأشجار كلها بدء غرسها. والسبب فى هذا أنه حينما تكون الرطوبة فى أطرافها ويحدث الطبخ فى الأجزاء الموجودة فى وسط الشجرة التى منها تأتى مادة الثمرة، ينشأ الجفاف ويتلو الرطوبة، ويكون الطبخ الأول حامضا أو مرا أو عفصا. والسبب هو أن الطبخ يقع بالحرارة والرطوبة، فاذا غلبت الرطوبة أو الجفاف على الحرارة، تكون الثمرة الناتجة على هذا النحو قد نضجت نضجا تاما، ولهذا يكون نتاج الثمر فى الأول عديم الحلاوة.
صفحه ۲۸۰