فأما أشكال النبات فعلى ثلاث جهات: منه ما يخرج إلى العلو، ومنه ما يخرج إلى أسفل، ومنه ما يخرج بين هاتين الجهتين. فأما ما يسلك إلى العلو فان المادة تظهر من لب النبات فتجذبه الحرارة ويضغطه الهواء الذى فيما بين التخلخل، 〈وينخرط〉 كما تنخرط النار عند المواد، فيعلو. فأما إذا كان إلى السفل فان المجارى تطبق، فاذا انطبخت المادة ثخن الماء الذى فيه لب النبات فخرج لطيفه إلى العلو وتراجع الباقى فى الجهات وأخذ نحو السفل بثةله. فأما ما كان بين الجهتين، فان الرطوبة تلطف والمادة تقرب من الاعتدال فى الطبخ وتكون المجارى متوسطة فتأخذ المواد إلى العلو والسفل الطبخ الأول فى أسفل النبات الباطن فى الأرض، والطبخ الثانى فى اللب الخارج عن الأرض الذى هو فى وسط النبات، ثم تظهر المواد فتقسم ولا تنطبخ طبخا ثالثا، لأن الطبخ الثالث فى الحبوان انما وجب [الطبخ الثالث] لاختلاف الأعضاء وتباعد طبائعها. فأما النبات فقريب بعضه من بعض، ولذلك كثر فى جميع المواضع، وأكثر النبات ما كان إلى أسفل سلوك مواده. — فأما أشكال النبات فعلى مقدار البزور؛ وأما زهر النبات وثمره فللمياه والمواد. وجعل الحركة الأولى النضج والطبخ فى جميع الحيوان المغتذية والنافخة والقابضة، وهذه تكون فى جميع الحيوان لا يخلو منه؛ فأما النبات فان الطبخ الأول والنضج على حسب التربة. فأما الشجر كله فيعلو أبدا 〈حتى يتم نموه ثم يموت. والسبب فى هذا أن الطول فى الحيوان مثل العرض، أما فى النبات فليس الأمر كذلك لأن الماء والنار، اللذين منهما يتركب، يعلوان بسرعة ولهذا ينمو النبات. والاختلاف فى فروع النبات يرجع إلى إفراط التخلخل، فاذا انحصرت الرطوبة فيه تعمل الطبيعة على جعله حارا وتعجل بالطبخ، فتتكون الأعضاء وتظهر الأوراق، كما قلنا.
[chapter 9]
〈وسقوط الأوراق من الأشجار يرجع إلى الميل إلى السقوط الناشىء عن سرعة تكون التخلخل. فاذا أخذت الرطوبة مع الغذاء اتخذت صورة هرمية فاتسعت المجارى الداخلية ثم تضيق من بعد؛ فاذا ظهر أن الغذاء طبخ، أغلق المجارى، فلا يكون للأوراق غذاء، فتجف. فاذا حدث عكس هذا، كما قلنا، لم تسقط الأوراق من الأشجار. وإذا غلبت البرودة على النبات أثرت فى لونه بسبب إفراز الحرارة فى داخل النبات ووجود البرودة فى الخارج عند الأطراف؛ فتصبح الأوراق زرقاء داكنة ولا تسقط، كما فى الزيتون والآس وما شابههما. وإذا حدث من النبات أو الشجر جذب شديد، نتج الثمر مرة فى العام؛ وإذا لم يكن منه جذب، أحدثت الطبيعة الطبخ فى مرات متواليات، وفى كل طبخ ينتج ثمر، ولهذا كان بعض النبات يحمل ثمرا مرات عديدة فى العام. وما كان من النبات طبعه كالماء لا يكاد يحمل ثمرا إلا بصعوبة، لغلبة الرطوبة عليه واتساع مجاريه وميل جذوره إلى السقوط؛ وإذا غلبت الحرارة، كان الطبخ أسرع وتخلخل بسبب الماء ولم يتجمد؛ وهذه حال جميع الأعشاب وفى بعض البقول.
صفحه ۲۷۷