360

{ فمن يجادل الله عنهم } معنى هذا الاستفهام النفي أي لا أحد يجادل الله عنهم يوم القيامة إذا حل بهم عذابه والوكيل الحافظ المحامي وهو الذي يكل الانسان إليه أموره وهذا الاستفهام معناه النفي أيضا، كأنه قيل: لا أحد يكون وكيلا عليهم فيدافع عنهم ويحفظهم، وهاتان الجملتان انتفى في الأولى منهما المجادلة وهي المدافعة بالقول وفي الثانية الوكالة عليهم أي الحفظ وهو المدافعة بالفعل والنصرة بالقوة.

[4.110-114]

{ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه } الظاهر أنهما غير ان عمل السوء وظلم النفس وخصوصا للعطف بأوقاتها تقتضي أحد الشيئين والسوء القبيح الذي يسوء به غيره وظلم النفس ما يختص به كالحلف الكاذب مثلا .

{ يجد الله } مبالغة في الغفران كأن المغفرة والرحمة معدان لطالبهما مهيآن له متى طلبهما وجدهما وجاء جواب الشرط مصرحا فيه باسم الله ولم يأت بالضمير فكان يكون يجده لأن في لفظ الله من الجلالة والتعظيم ما ليس في الضمير ولما تقدم شيئان: عمل سوء، وظلم النفس. قابلهما بوصفين وهما الغفران لعامل السوء والرحمة لمن ظلم نفسه.

{ ومن يكسب إثما } والاثم جامع للسوء وظلم النفس السابقين، والمعنى أن وبال ذلك لاحق له لا يتعداه إلى غيره وهو إشارة إلى الجزاء اللاحق له في الآخرة وختمها بصفة العلم لأنه يعلم جميع ما يكتسب لا يغيب عنه شيء ثم بصفة الحكمة لأنه واضع الأشياء مواضعها فيجازي على ذلك الآثم بما تقتضيه حكمته فالصفتان إشارة إلى علمه بذلك الاثم وإلى ما يستحق عليه فاعله وفي لفظه على دلالة على استعلاء الاثم عليه واستيلائه وقهره له.

{ ومن يكسب خطيئة } ظاهر العطف بأو المغايرة فالخطيئة ما كان عن غير عمد. وعن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول حيث رمى بالافك من رمى والبهتان مصدر بهته.

{ وإثما مبينا } أي ظاهرا لكسبه الخطيئة والاثم، والمعنى أنه يستحق عقابين عقاب الكسب وعقاب البهت وقدم البهت لقربه من قوله: ثم يرم به بريئا ولأنه ذنب أفظع من كسب الخطيئة أو الاثم ولفظ احتمل أبلغ من حمل لأن افتعل فيه للتسبب كاعتمل.

{ ولولا فضل الله } عن ابن عباس أنها نزلت في وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جئناك نبايعك على أن لا نحشر ولا نعشر وعلى أن تمتعنا بالعزى سنة فلم يجبهم فنزلت. والهم العزم على الشيء والاهتمام به ويتعدى بالباء كما في قوله:

ولقد همت به

[يوسف: 24].

صفحه نامشخص